ولا من الرفع.
وكيف كان ، فهذه أُمور لا دخل لها بما نحن بصدده من الجهة اللفظية الاستعمالية التي يكون قوامها هو الفهم العرفي ، غير المبني على هذه التدقيقات التي ربما لا يتعقّلها غالب أهل اللسان ، وفائدة هذه الجهة الاستعمالية وإن كانت لاستنتاج فهم المراد من كلام الشارع وهو العالم الحكيم ، إلاّ أنّ كلامه منزّل على الفهم العرفي الذي يفهمه أهل اللسان ، إذ الخطاب إنّما هو معهم ، وإذا رجعنا إلى أهل اللسان نجدهم يفرّقون بين قولهم : رفعت الحجر عن الأرض ، وقولهم : دفعت الحجر عن زيد ، إذا منعه من الوصول إليه ، فإنّهم يحكمون بأنّ المراد من الرفع في الجملة الأُولى غيره في الجملة الثانية على وجه لو استعمل الرفع في الثاني لكان في أنظارهم غلطاً ، إلاّ إذا نزّل اقتضاء قوّة الرامي لذلك الحجر منزلة وقوعه على زيد ونحو ذلك من التنزيلات. أمّا استعمال الدفع في مورد الجملة الأُولى فلا أستحضر له مصحّحاً ولو على نحو التنزيل وعناية التجوّز ، ولا أستحضر له فعلاً مثالاً عرفياً مقبولاً.
ثمّ إنّه قد وقع الرفع مسنداً إلى الشارع في كثير من الموارد ، وليس المراد به الرفع الحقيقي ، كما في حديث « رفع القلم عن الصبي حتّى يحتلم ، والمجنون حتّى يفيق ، والنائم حتّى يستيقظ » (١) ونحو ذلك ممّا ورد فيه الرفع منسوباً إلى الشارع مع العلم بخلوّ صفحة التشريع قبل ذلك الرفع عن ذلك المرفوع ، ولعلّ من هذا القبيل قوله عليهالسلام : « ما حجب الله تعالى علمه عن العباد فهو موضوع عنهم » (٢) بناءً على أنّ المراد من حجب العلم عدم صدور البيان من جانب
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ٤٥ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٤ ح ١١ ( مع اختلاف في اللفظ ).
(٢) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٣٣.