فهل هي حينئذ ظاهرة في الوجوب ، أو لا (١)؟ وعن جماعة الأوّل ، وعن آخرين الثاني.
احتجّ المانعون بأنّها موضوعة للإخبار ، فإذا تعذّر حملها عليه تعيّن (٢) حملها على الإنشاء مجازا ، وكما يصحّ استعمالها في إنشاء الوجوب كذا يصحّ استعمالها في إنشاء الندب ، أو مطلق الطلب ، فإذا تعذّرت الحقيقة وتعدّدت المجازات لزم الوقف بينها ، وقضيّة ذلك ثبوت المعنى المشترك ، وهو مطلق الرجحان ، والثابت به هو الاستحباب بعد ضمّ أصل البراءة إليه إن كان المورد من مواردها ، وإن كان المورد من موارد الاحتياط فيثبت به الوجوب ، وكيف كان فهي ليست ظاهرة في الوجوب أصلا.
والحقّ هو الأوّل لوجوه :
[ الأول ](٣) التبادر عرفا : فإنّهم لا يفرّقون بين صيغة الأمر وبين الجمل الخبرية إذا علموا أنّ المراد بها الإنشاء مجازا في فهم الوجوب واستفادته من اللفظ بشيء أصلا ، فكما يتبادر عندهم من الصيغة عند الإطلاق الوجوب ، فكذا يتبادر منها ذلك عندهم مع قيام القرينة الصارفة عن استعمالها في الإخبار مع عدم القرينة على تعيين أنّ المراد أيّ نحو من الإنشاء ، وكما يثبت بالأوّل ظهور الصيغة وضعا أو انصرافا ـ على تفصيل ما مرّ في الوجوب ـ فكذا يثبت بالثاني ظهور الجمل حينئذ في الوجوب ظهورا عرفيا مستندا إلى قرينة عامّة لازمة للفظ في جميع الموارد على أنّ المراد الوجوب إمّا باستعمال الجمل فيه بخصوصه ، أو أنّها مستعملة في مطلق الطلب ، وهو منصرف
__________________
(١) الظاهر زيادة الواو ، وأنّ العبارة تستقيم بدونها.
(٢) في الأصل : فتعيّن ..
(٣) إضافة يقتضيها السياق.