كونه غرضا خارجا عن المأمور به ، مع إفادته بخطاب آخر لعدم صلاحية ذلك الأمر لذلك ، فالموضوع له لتلك ـ حينئذ أيضا ـ أعمّ ممّا يقع على وجه التعبّد والامتثال ، فلا يكفي وجوده بمجرّده لصيرورته عبادة ، بل إنّما يكفي إذا تحقّق على وجه خاصّ.
ومن هنا ظهر : أنّ المأمور به في التعبديّات أعمّ من الغرض مطلقا ، سواء قلنا بوضع ألفاظ العبادات للصحيحة أو للأعمّ ، وفي التوصّليات إما أخصّ أو مساو كما في القسم المذكور من التوصّلي ، وهو ما يكون نفسه من العبادات.
ثمّ إنّك قد عرفت الفرق بين الواجب التوصّلي وبين التعبّدي ممّا عرّفناهما به من أنّ الفرق بينهما : أنّ الأوّل ما يكون الغرض منه الوصلة إلى نفسه كيف ما اتّفق ، وأنّ الثاني ما يكون الغرض منه إيقاعه على وجه التعبّد والامتثال.
وقد يفرّق (١) بينهما من حيث اللازم : بأنّ الأوّل يجوز اجتماعه مع الحرام دون الثاني ، وظاهر ذلك أنّ من آثار التوصّلي جواز وقوعه موردا للأمر والنهي بحيث يجتمعان فيه ، ومن آثار الثاني امتناع ذلك فيه.
لكن لا يخفى فساد ذلك على من له أدنى تأمّل ، ضرورة أنّ مناط امتناع اجتماع الأمر والنهي عند العقل ـ على القول به ـ إنّما هو التناقض بين نفس الأمر والنهي ، لا كونها أمرا تعبديّا ، وذلك لا يفرّق فيه بين ما إذا كان متعلّقهما من التوصّليات أو التعبّديات ، فإن امتنع امتنع مطلقا ، وإن جاز جاز كذلك ،
__________________
(١) ( هذا الفرق من صاحب المعالم (أ) ( قدّه ) ، على ما في هامش الأصل.
__________________
(أ) معالم الدين ـ الطبعة الحجرية ـ : ٩٩ عند قوله : ( والجواب عن الأوّل ). ، لكنّه (ره) ترقّى في الجواب بعد ذلك ، فمنع كونه مطيعا في خياطته الثوب في المكان المخصوص المنهيّ عن الكون فيه ، فتأمّل ).