ودفع اللغوية : بأنّ الترك ـ باعتبار ترك بعض الأفراد ـ إنّما يقع لا على وجه التعبّد ، فيمكن اعتبار الطبيعة المنهيّ عنها على الوجه المذكور ، ليكون تركها المتحقّق بترك بعض الأفراد عبادة.
مدفوع : بأنّ الكلام في النهي المطلق ، لا فيما علم كونه تعبّديا.
نعم الّذي ذكرنا من الوجه لا يتمّ في بعض الموارد ، وهو ما إذا كان الفعل المنهيّ له استمرار وبقاء ، فلا مدفع حينئذ عن التزام حصول الامتثال ـ نظرا إلى ظاهر المادّة ـ بترك بعض الأفراد وبعض الأزمان.
وثانيهما : إثبات عموم النهي بدليل الحكمة.
وفيه : أنّه على تقدير تماميّته لا يجعل اللفظ ظاهرا فيه ، فعلى هذا لو جاء دليل من الخارج دالّ على خروج بعض الأفراد لارتفع (١) به موضوع ذلك الدليل ، ولا يعقل المعارضة بينه وبين ذلك العموم المستفاد من دليل الحكمة ، مع أنّا نعلم أنّ النهي ظاهر في العموم بحيث يعارض ما دلّ على التخصيص والتقييد.
هذا كلّه بالنظر إلى بادئ الرّأي.
لكن التحقيق : أنّ تعليق النفي الّذي منه النهي على الطبيعة من حيث هي ـ بمعنى عدم ملاحظة شيء معها ـ يدلّ التزاما عقلا على نفي جميع أفرادها ، ولا حاجة إلى ملاحظة إطلاق الطبيعة ووحدتها ، بل يكفي ملاحظة نفس الطبيعة (٢) مع قطع النّظر عن كلّ القيود الطارئة عليها ، كما أنّ تعليق الإيجاب على النحو المذكور لا يستلزم إلاّ إيجاب فرد واحد بمعنى أنّ الّذي يتوقّف عليه صدق وجود الطبيعة عقلا ليس أزيد من ذلك.
وتوضيح ذلك : أنّ اعتبار الطبيعة وأخذها ـ سواء في مقام الوضع أو
__________________
(١) ويسمّى الطبيعة بهذا الاعتبار باللابشرط. لمحرّره [ عفا الله عنه ].
(٢) في الأصل : فيرتفع ...