وبذلك يظهر لك وجه الحاجة إلى القيد الثاني الذي هو لا يغني عن الأول ، ضرورة صدقه بدونه على مجهول المالك الذي لا يد عليه ، ولكنه غير ضائع من مالكه.
وحينئذ فالفرق بين موضوعي مجهول المالك واللقطة هو اعتبار صدق اسم الضياع من المالك في الثاني دون الأول ؛ بل الأصل عدم ترتب أحكام اللقطة مع عدم تحقق اسم الضياع.
ولذا قال في جامع المقاصد : لا بد منه فيها ، فليس منها حينئذ ما يؤخذ من يد السارق والغاصب ونحوهما ، لعدم صدق اسم الضياع من المالك ، كما ستسمع تحقيق الحال فيه عند تعرض المصنف له.
نعم الظاهر كفاية شاهد الحال فيها ، فمتى لم يكن لم يحكم بأنه لقطة ، ولعله لذا أمر بالصدقة بمثله في موثق إسحاق بن عمار (١) « سألت أبا إبراهيم عليهالسلام عن رجل نزل في بعض بيوت مكة فوجد فيه نحو سبعين درهما مدفونة ، فلم تزل معه ولم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع؟ قال : فاسأل عنها أهل المنزل لعلهم يعرفونها ، قلت : فان لم يعرفوها ، قال : يتصدق بها ».
وأما دعوى أصالة الحكم باللقطة في كل مال لا يد عليه وإن لم يعلم تحقق وصف الضياع فيه ولو بشاهد الحال فلا أجد لها شاهدا ، بل لعل ظاهر الأدلة خلافها ، ضرورة كون العنوان فيها اللقطة وهي عرفا ولغة المال الضائع لا مطلق ما لا يد عليه من المال وإن لم يعلم كونه ضائعا.
بل الظاهر عدم جواز أخذ المال المزبور مع عدم مظنة تلفه ، لأصالة حرمة الاستيلاء على مال الغير بعد عدم اندراجه في عنوان المأذون شرعا في تناوله ، فإذا قبضه كان له ضامنا.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من كتاب اللقطة ـ الحديث ٣.