ومن هنا قال في جامع المقاصد : « ما ذكره في التذكرة حق ، وهو المعتمد ، وما ذكره هنا إن أراد جواز الهبة للجهة فليس بجيد ، وإن أراد لمعينين من اللقطاء ومن جملتهم لقيط مخصوص فلا شبهة في الحكم ، لكن المتبادر غير هذا ».
قلت : قد ينافيه ما حكى عنه في كتاب الهبة من أنه لا مانع من العموم مع قبول الحاكم ، كالوقف على الجهات العامة ، وإن كان فيه منع التشبيه المزبور بعد ثبوت العموم فيه وفي الوصية دون الهبة ، والأصل يقتضي العدم بعد الشك إن لم يكن الظن أو القطع بعدم تناول إطلاقها لمثل ذلك ، كإطلاق البيع والصلح والإجارة ونحوها من العقود الظاهر في غير الفرض.
نعم لو كان مال موصى به مثلا للتجارة به لهم أو نماء وقف كذلك صح ، لكونه من توابع الوقف والوصية المعلوم جوازهما كذلك ، بخلاف تمليك الجهة ابتداء ، ويمكن حمل عبارة الفاضل في القواعد وغيره على إرادة إباحة الصرف للقطاء من الهبة ، والله العالم.
المسألة ( الثالثة : )
( لا يجب ) عندنا ( الاشهاد عند أخذ اللقيط ) كما في جامع المقاصد مشعرا بالإجماع عليه ، كنسبته إلى الأصحاب في الكفاية ، بل في المسالك هذا موضع وفاق عندنا ، للأصل و ( لأنه أمانة ، فهو كالاستيداع ) الذي لا يجب فيه الاشهاد.
خلافا لبعض العامة فأوجبه للاحتياج إليه في حفظ الحرية والنسب كالنكاح ، وهو كما ترى في جهة الشبه وفي حكم المشبه به.