مراعاة لها ، لا أنه تحديد تعبدي حتى لو علم زيادته على الحاجة ، ولكن لا حق للثاني إلا بعد استيفاء الأول تمام حاجته وإن أدى ذلك إلى ضرر الغير ، بل إن لم يفضل لا شيء له بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه ، لأنه أحق بمقدار حاجته ، بل لا حق للثاني إلا بعدها.
نعم لو تساويا في التحاذي عن يمين النهر وشماله فالذي صرح به الفاضل والشهيدان والكركي القسمة بينهما ، فان تعذرت فالقرعة. نعم ذكر الشهيدان المهاياة مع الضيق ، فان تعاسرا فالقرعة ، ولعل ترك غيرهما المهاياة باعتبار عدم لزومها عليهما مع التعاسر ، فلا يجبران عليها.
ولكن قد يناقش بأن المتجه في المقام ما سمعته من السابق في المعدن الذي هو باق على الإباحة أيضا كالماء هنا ، وقد أطلق الأكثر هناك القرعة ، وظاهرهم تقديم من خرجت القرعة له في أخذ تمام حاجته.
نعم قد سمعت ما سمعت من الكركي وغيره ، وتقدم الكلام معهم هناك ، والمقام مثله ، ضرورة أن ذلك ليس إلا لكونهما متساويين في الأحقية المزبورة ، إما باعتبار كونهما معا في فوهة النهر ، أو لعدم العلم بتقدم أحدهما على الآخر ، ومع فرضه وجهله فليس إلا القرعة ، لاستيفاء تمام حاجته قطعا.
ومن ذلك يظهر لك النظر فيما ذكروه هنا من القسمة ، ومع تعذرها فالقرعة في التقديم خاصة بعد فرض النقص عليهما ، وفرض تعذرها يكون لعدم تمكن كل منهما من ساقية تصل إلى ملكه أو لغير ذلك.
قال في القواعد بعد أن ذكرها « فان لم يفضل عن أحدهما سقى من أخرجته القرعة بقدر حقه ثم يتركه للآخر ، وليس له السقي بجميع الماء ، لمساواة الآخر له في الاستحقاق ، والقرعة تفيد التقديم بخلاف الأعلى مع الأسفل ».