ويحتمل أن يكون للمستقبل حقيقة من باب إعطاء المعدوم حكم الموجود ، ويعضد هذا الاحتمال أنّ المصنّف ( رفع الله درجته ) أتى بلفظة « يجب » المستقبلة ، وحينئذ فيحتمل أنّ المصنّف وضعها للمعنيين معا.
ويحتمل أن يكون للحاضر خاصّة ؛ لأنّ كلاّ من الماضي والمستقبل معدوم ، والمعدوم لا ينطبق عليه تعريف النعم.
وهذا أقوى ، إلاّ أن يقال : الماضي وإن كان معدوما فإنّ وجوب الشكر عليه باق فيلحقه حكم الموجود.
قوله : ( حتّى أنّ شكر نعم الله تعالى من نعمه التي يجب شكرها ).
أقول : هذا منزّل على الحديث : « إنّ الله أوحى إلى داود عليهالسلام أن اشكرني على قدر نعمتي ، قال : يا ربّ كيف أشكرك والشكر نعمة منك يجب شكرها؟ قال : الآن قد شكرتني » (١).
وحكى المازندراني في تفسير قوله تعالى : ( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً ) (٢) : أن داود جزّأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن ساعة إلاّ وإنسان من أولاده في الصلاة (٣).
وجاء في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً ) (٤) يعني نوحا عليهالسلام كان كثير الشكر (٥).
عن الباقر والصادق عليهمالسلام :
إنّ نوحا كان إذا أصبح وأمسى قال : اللهمّ إنّي أشهدك أنّ ما أصبح وأمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر بها عليّ حتّى ترضى وبعد الرضا ، وهذا كان شكره (٦).
__________________
(١) إرشاد القلوب ١ : ٢٤٢ ، الباب السابع والثلاثون.
(٢) سبأ (٣٤) : ١٣.
(٣) غرائب القرآن ( بهامش تفسير الطبري ) ٢٢ : ٤٨.
(٤) الإسراء (١٧) : ٣.
(٥) مجمع البيان ٦ : ٢١٨.
(٦) مجمع البيان ٦ : ٢١٨.