قلت : سمّي المزاح مزاحا ؛ لأنّه أزيح عن الحقّ ، قال الشاعر :
لا يمزحنّ الرجال إن مزحوا |
|
لم أر قوما تمازحوا سلموا |
واعلم أنّه قد وجدت أحاديث في استحبابه لقول ابن عبّاس : مزح النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فصار المزح سنّة.
وقال عليهالسلام : « مزاح المؤمن عبادة ، وضحكه تسبيح » والجمع بينهما بكراهة الإفراط ، واستحباب غيره.
قال الأحنف : من ترك ممازحة أخيه فقد فارقه وإنّما يكره الإكثار منه وفي غير موضعه ومع الأعداء ، أمّا القليل مع الأحباب فسنّة.
وقال العيني : الإفراط في المزاح مجون ، والتفريط ندامة ، والاقتصاد تطرّف.
وعن الصادق عليهالسلام : « من لم يبال ما قال وما قيل فيه فهو شرك شيطان ، ومن لم يبال أن يراه الناس مسيئا فهو شرك شيطان ، ومن اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان ، ومن شغف بمحبّة الحرام وشهوة الزنى فهو شرك شيطان » (١).
قلت : شرك شيطان ، مخالطته في الجماع ، فيتولّد منهما ، ومن ثمّ استحبّت التسمية عنده.
والترة : البغض وأصلها القطع ، ومنه الوتر المنقطع بانفراده.
والشغف : بلوغ الحبّ إلى القلب. قال السدي : شغاف القلب غلافه. وقال الحسن : هو باطن القلب. وقال الجبّائي : هو وسط القلب (٢). وقال الأصمعي : هو داء يسيل من الصدر ، فيقال : إذا التقى بالطحال مات صاحبه (٣).
وروي بالعين المهملة ومعناه ، ذهب به الحبّ كلّ مذهب ، من شعف الجبال ، وهي رءوسها.
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٢٩٩ / ٩٠٥.
(٢) التبيان ٦ : ١٢٩ ، ذيل الآية ٣٠ من يوسف (١٢).
(٣) لسان العرب ٩ : ١٧٩. « ش. غ. ف ».