الشكر لطف تعيّن لكونه شكرا ، ولم يقم بعض أفراده مقام بعض.
قال : ( ولو قدّر أنّ أحدا من المكلّفين اعتقد واحدا من الأمور الأربعة لموجب لم يكن مخطئا ).
أقول : الموجب هنا إمّا الدليل للمجتهد أو التقليد لأهله (١).
وفي قوله : لم يكن مخطئا التزام بشيئين أو أحدهما ، إمّا يكون كلّ مجتهد مصيبا ، أو بكون الجميع حقّا ؛ لما تقدّم في الماضي من جواز الجمع بينهما ، ولكن لم يقل به أحد ، ولعلّه قصد بنفي الخطإ نفي المؤاخذة ، وإلاّ فهو أجلّ من أن يخفى عليه ما يظهر لنا ، فهو أعلم بما قال منّا.
قال : ( ولو قدّر أنّه فعل الواجب لوجوبه مثلا ، وترك الحرام لقبحه معرضا عن النظر في الوجه لم يكن مؤاخذا إن شاء الله تعالى ؛ فإنّها مسألة دقيقة يعسر على العوام تحقيق الحال فيها ، فتكليفهم بها نوع عسر منفيّ ؛ لقوله تعالى : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٢) والله الموفّق ).
أقول : قد سلف عنه ذكر التلازم بين الوجه وذي الوجه.
وما ذكر هنا فيه نوع التفات إليه ، بل هو أبلغ منه ؛ لأنّ السالف فيه اعتبار التلازم ، وهذا فيه الإعراض عن كلّ ما سوى الوجوب والتحريم. وقد قدّمنا أمام الفصل الثالث بلا فصل كلاما فيه تحقيق ذلك لا نرى عليه فريدا ، فليراجع من ثمّة ؛ فإنّه يعثر الناظر فيه على محض الحقّ ويرويه ، ويعبر الخاطر إلى عين الصدق ويرويه.
واعلم أنّ ذكر المشيئة لله تارة يكون للتبرّك ومنه : ( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ ) (٣) وتارة يكون للشرط والتوقّف.
ومنه : لأدخلنّ إلاّ ان يشاء الله ، وعلى هذين يتفرّع جواز قول المسلم : أنا مسلم
__________________
(١) في هامش المخطوطة حاشية مبتورة هي : « قولنا : لأهله ، نوع استخدام فإنّ أهل التقليد يطّلعون على عدول العلماء ... ».
(٢) البقرة (٢) : ١٨٥.
(٣) الفتح (٤٨) : ٢٧.