الاجتماع إلى النزاع ، فوقع الهرج الذي هو الفتنة ، والمرج الذي هو الاختلاط في الشرّ.
وروي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « سيكثر الهرج » قيل : يا رسول الله وما الهرج؟ قال : « القتل » (١).
إذا عرفت هذا فتركهم من قانون يرجعون إليه عند وقوعه مفسدة لا تصدر من الحكيم ، فيجب القانون وهو الشريعة ، وهو أمر كليّ ينطبق على جزئيّات تعرف منه أحكامها ، ويسمّى دستورا أيضا.
ولو فرض نصبه إلى مجموعهم لزم الفساد ؛ لعدم اجتماع قلوبهم ، وإلى بعضهم لزم الترجيح بلا مرجّح ، فلا بدّ من كونه من الجانب القدسي.
ولمّا كانت الإشارة الحسّيّة محالا عليه تعالى ، اقتضت حكمته خلق شخص ذي وجهين : إلهيّ يتلقّى به الوحي من ربّ العاملين ، وإنسانيّ يخاطب به المكلّفين ، وهو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا بدّ من تمييزه عن بني نوعه بما يوجب قبول قوله ، وهو خرق العادة بمعجز على يده ، مطابق لدعوته ، يمتنع تعلّق قدرة البشر بمثله.
قوله : ليحمل النوع على تجشّم المشاقّ أي تكلّفها ، يقال : تجشّمت الأمر إذا تكلّفته.
ولزوم الميثاق : المداومة عليه ، والميثاق : العهد ، وهو الوصاة بحفظ المأمور وترك المزجور. ونعني به اللزوم الظاهر ، وهو اللساني ؛ فإنّ الاعتقادات القلبيّة لا يمكن الحمل عليها ؛ لظهور النفاق في كثير.
هذا إن فسّر الحمل بالجبر ، كما في الاستسلام حالة الحرب.
وإن فسّر بالحثّ والترغيب ـ ليقع المحمول عليه بالاختيار ـ عمّ الحمل القلب.
والحامل هو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الموعد بالثواب على الطاعات والعقاب على الخطيئات.
فإن لم يعتقد المكلّف صانعا دائم الثبوت موصوفا بصفات الكمال منفيّا عنه
__________________
(١) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ٧ : ٣١٠.