على أنّك عرفت أنّ الانصراف بعنوان التسليم كان هو المشهور المتعارف قطعا ، والإطلاق ينصرف إلى المتعارف جزما ، وهو مسلّم عند الشارح ومن وافقه ، بل الكلّ ، كما حقّق ، ولا شكّ في أنّه عليهالسلام أمر بالانصراف المطلق ، وقد عرفت أنّه أعمّ من كونه بالتسليم وبغيره ـ لو لم نقل بالاختصاص بالتسليم ، كما ظهر وجهه وسيظهر أيضا ـ فكيف يدل على كون المراد هو الانصراف لا بالتسليم؟ لأنّ العامّ لا يدل على الخاصّ جزما ، مع ما عرفت من الفساد القطعي في إرادة لا بالتسليم ، هذا حال الرواية في نفسها ، فكيف إذا صارت [ معارضة ] (١) للأدلّة الكثيرة الدالة على وجوب التسليم وكون الانصراف والتحليل به؟ كما ستعرف بعضها ، ووجه الجمع يظهر من صريح كلام المعصوم عليهالسلام ).
وحمل قوله عليهالسلام : « ثمّ تنصرف » و : « ينصرف » على مجرّد الإخبار بالخروج بنفس الفراغ من التشهد بعيد يأباه الذوق السليم ، ( وكون الأصل في الألفاظ الحمل على الحقيقة والظاهر ) (٢) ، سيّما بعد ملاحظة كلمة « ثمّ » في الأوّل ، وقوله عليهالسلام : « ويدع الإمام » بل و : « يتشهّد » أيضا في الثاني ، ولو سلّمنا عدم البعد فكونه أقرب محلّ منع ، سيّما بعد ملاحظة ما ذكرنا وما سنذكر ، فتأمّل جدّا.
قوله : ثمّ تنصرف ( ٣ : ٤٣٠ ).
لا يخفى أن المراد بالانصراف هو الإتيان بالسلام ، كما يظهر من الأخبار ، منها : صحيحة الحلبي عن الصادق عليهالسلام : « كلّ ما ذكرت الله عزّ وجلّ والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو من الصلاة ، فإن قلت : السلام علينا وعلى عباد الله
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المعنى.
(٢) ما بين القوسين ليس في « ب » و « ج » و « د ».