الرواية ، والبأس هنا ظاهر في الحرمة ، بقرينة تعليق الشرط على الخوف والحاجة الضرورية ، وفي قوله عليهالسلام : « إذا ما أعجلت به حاجة » إشارة إلى الضرورة ، لأنّ الظاهر منها أنّ الحاجة أوقعت في التعجيل ، والظاهر من هذا أنّها ألجأته إليه ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وبالجملة : العدول عن قوله : له حاجة ، إلى تلك العبارة مع كون الأوّل أخصر وهو المتعارف ، والثاني صيغة التعدية ومادّته التعجيل ، والفاعل هو الحاجة ، والمفعول هو المكلف ، له زيادة ظهور في ما ذكرنا ، سيّما مع انضمام ذلك بما ذكرنا من تقديمه على التخوّف ، وقول السيد رحمهالله.
وما ذكره من أنّه لا قائل بوجوب. فيه أنّه غير ظاهر ، ولو سلّم فغير مضرّ عند الشارح ، لأنّه صرّح بأنّه لا يشترط في حجيّة الحديث وجود قائل بمضمونه ، بل هو حجّة وإن لم يقل بمضمونه قائل (١).
سلّمنا ، لكن أقرب المجازات حجّة ومتعيّن عند تعذّر الحقيقة ، ومن المسلّمات عند الشارح أيضا أنّه إذا تعذّر الحقيقة فالحمل على أقرب المجازات لازم ومتعيّن ، هذا على تقدير أن نقول : إنّ الأمر حقيقة في الوجوب العيني دون التخييري ، وإنّ التخييري معنى مجازي ، لأنّه من الأفراد التي لا يسبق الذهن إليها ، مثل الإنسان الذي له رأسان أو يد زائدة أو إصبع زائد وأمثال ذلك بالنسبة إلى لفظ الإنسان ، ومعلوم أنّ الوجوب التخييري أقرب مجاز إلى صيغة الأمر ، سيّما مثل هذه الصيغة ، وخصوصا إذا كان الواجب المخير المراد أرجح من غيره وأولى من حيث إنّه يحفظه كلّ واحد ويعرفه ، وثواب عظيم يعدل ثلث القرآن.
__________________
(١) لاحظ المدارك ١ : ١٣٢ ، ٢٩٥ ، و ٨ : ١٨٨ ، ١٩٨.