قيل : اكرم العالم ، كان وجوب الاكرام متعددا بتعدد افراد العالم ، ولكنه لا يتعدد فى كل عالم بتعدد افراد الاكرام.
وقد يقال : إن قرينة الحكمة تنتج تارة الاطلاق الشمولى ، واخرى الاطلاق البدلى ، ويتعترض على ذلك بأن قرينة الحكمة واحدة ، فكيف تنتج تارة الاطلاق الشمولى ، واخرى الاطلاق الشمولى ، واخرى الاطلاق البدلى؟
وقد اجيب على هذا الاعتراض بعدة وجوه :
الأول : ما ذكره السيد الاستاذ (١) من أن قرينة الحكمة لا تثبت الا الاطلاق بمعنى عدم القيد ، واما البدلية والاستغراقية فيثبت كل منهما بقرينة اضافية. فالبدلية فى الاطلاق فى متعلق الأمر مثلا ، تثبت بقرينة اضافية ، وهى ان الشمولية غير معقولة ، لأن ايجاد جميع افراد الطبيعة غير مقدور للمكلف عادة. والشمولية فى الاطلاق فى متعلق النهى مثلا ، تثبت بقرينة اضافية ، وهى ان البدلية غير معقولة ، لأن ترك أحد افراد الطبيعة على البدل ثابت بدون حاجة الى النهى.
ولا يصلح هذا الجواب لحل المشكلة ، اذ توجد حالات يمكن فيها الاطلاق الشمولى والبدلى معا ، ومع هذا يعين الشمولى بقرينة الحكمة ، كما فى كلمة عالم فى قولنا : أكرم العالم ، فلابدإذن من اساس لتعيين الشمولية أو البدلية غير مجرد كون بدلية مستحيلا.
الثانى : ما ذكره المحقق العراقى رحمه الله (٢) من ان الأصل فى قرينة الحكمة انتاج الاطلاق البدلى ، والشمولى عناية اضافية بحاجة الى قرينة ، وذلك لان هذه القرينة تثبت ان موضوع الحكم ذات الطبيعة بدون
ـــــــــــــــ
(١) المحاضرات : ج ٤ ص ١٠٧.
(٢) راجع : مقالات الاصول : ج ١ ص ١٦٩.