الفرضين السابقين جهة مشتركة ، تثير السؤال عن وجه اختصاصه بعدم الإعادة من بينهما ، بل كان عدم الإعادة واضح الوجه ، لأنه مقتضى استصحاب الطهارة ، وقاعدة الفراغ ، وقاعدة اليقين بناء على حجيتها.
ومن ثم كان ظاهر الصدر إرادة ما يناسب الاستصحاب. بل هو المتعين بناء على ما في العلل من روايته هكذا : «ثم صليت فرأيته فيه» لظهوره في كون المرئي هو الذي ظن إصابته أولا. والظاهر حجية ما في العلل ، لأن نسبته لرواية التهذيب نسبة المبين للمجمل ، وليسا من سنخ المتعارضين بعد إمكان النقل بالمعنى.
الثاني : أن عدم نقض اليقين بالشك إنما يصلح لأن يكون تعليلا لجواز الدخول في الصلاة ظاهرا ، للشك حينه في النجاسة ، لا لعدم وجوب الإعادة واقعا بعد فرض انكشاف وقوع الصلاة مع النجاسة وفقدها للشرط ، بل تكون الإعادة حينئذ نقضا لليقين باليقين.
ويندفع بأن التعليل بالاستصحاب إنما يتم بضميمة صحة الصلاة مع النجاسة عن عذر غير النسيان المعلوم من النصوص والفتاوى ، والذي لا يبعد وضوحه لزرارة ، ولذا اكتفي بالتعليل بالاستصحاب.
فالغرض من التعليل بيان تحقق العذر الذي تصح معه الصلاة واقعا بالاستصحاب في مفروض السؤال ، فرقا بينه وبين الفرض السابق الذي لا يجري فيه الاستصحاب ، وإن اشتركا في الصلاة في النجاسة وعدم وجدانها بالفحص قبل الصلاة.
على أن خفاء وجه التعليل وانطباق كبرى الاستصحاب على المورد ـ لو تم ـ لا يمنع من التمسك بها بعد وفاء الكلام بالدلالة عليها. فلا مخرج عن ظهور الكبرى في الاستصحاب ، ويتعين حجيتها فيه.