(وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ؟)
قلت : لما كان إنزاله لأجل تبليغهم ، كان كأنه أنزل إليهم.
٣٧ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) [الأنعام : ١١٢].
قاله هنا بلفظ الرّب ، وبعده بلفظ الله ، لأنه هنا وقع بين آيات فيها ذكر الربّ مرّات ، وما بعد وقع بعد آيات فيها ذكر الله مرات ، ولهذا ذكر لفظ" الله" قبل ، في قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) وبعد ، في قوله تعالى : (لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا.)
٣٨ ـ قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [الأنعام : ١١٧].
قال ذلك هنا بلا" باء" وبالمضارع ، موافقة لقوله بعد : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ.)
وقال في" النّحل" و" النّجم" و" ن" : (بِمَنْ ضَلَ) بزيادة الباء وبالماضي ، عملا بزيادة الباء في مفعول (أَعْلَمُ) تقوية له لضعفه ، كما في قوله تعالى : (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) وقوله : (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) وعملا في الماضي بكثرة الاستعمال في قولهم : أعلم بمن دبّ ودرج ، وأحسن من قام وقعد ، وأفضل من حجّ واعتمر.
وحيث حذفت الباء ، أضمر فعل من مادة علم يعمل في المفعول ، لضعف أعلم عن العمل بلا تقوية ، وتقديره في الآية : يعلم من يضلّ.
٣٩ ـ قوله تعالى : (كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام : ١٢٢] المزّين لهم هو الله لقوله تعالى : (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) [النمل : ٤]. أو الشيطان لقوله تعالى : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) [الأنفال : ٤٨].
وكلّ صحيح ، فالتزيين من الله بالإيجاد والخلق ، ومن الشيطان بالإغواء والوسوسة.
٤٠ ـ قوله تعالى : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) [الأنعام : ١٣٠] الآية.
فإن قلت : كيف قال ذلك ، والرسل إنما كانت من الإنس خاصة؟!