(فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ) وقوله : (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ) [المطففين : ٣٦] أي : هل جوزوا؟
غايته أن الثواب قد يكون خيرا ، وقد يكون شرّا ، يقصد به" التهكّم والاستهزاء" كلفظ البشارة ، لا اختصاص له لغة بالخير ، بل هو شامل للشرّ ، قال تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [التوبة : ٣٤].
٣٢ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) [المائدة : ٦٦].
وقضيّته أنّ إقامة الكتاب ، توجب سعة الرّزق والرخاء.
فإن قلت : ليس الأمر كذلك ، لأنّا نجد كثيرا من المؤمنين ، ضيّقي المعيشة في الدنيا.
قلت : القضيّة خاصّة بأهل الكتاب ، لأنهم شكوا ضيق الرزق ، حتّى قالوا : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) [المائدة : ٦٤] فأخبرهم الله أن ذلك التضييق عقوبة لهم ، بعصيانهم وكفرهم ، والله تعالى يجعل ضيق الرزق وسعته ، نعمة في بعض عباده ، ونقمة على الآخرين ، فلا يلزم من توسيع الرزق الإكرام ، ولا من تضييقه الإهانة.
٣٣ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) [المائدة : ٦٧].
إن قلت : ما فائدته مع أنه معلوم أنه إذا لم يبلّغ ما أنزل إليه ، لم يكن قد بلّغ الرسالة؟
قلت : فائدته الحثّ على تبليغ معايب اليهود ، حتّى لو فرض كتمان حرف واحد ، كان في الإثم ككتمان الجميع.
أو الأمر بتعجيل التبليغ ، لأنه كان عازما على تبليغ جميع ما أنزل إليه ، إلا أنه أخّر البعض خوفا على نفسه ، مع بقاء العزم ويؤيده قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) أي : من القتل ، لا من جميع أنواع الأذى ، كشجّ الوجه ، وكسر الرباعية.
أو لعلّ الآية نزلت بعد أحد ، لأن المائدة من أواخر ما نزل من القرآن!!
٣٤ ـ قوله تعالى : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) [المائدة : ٧٢] الآية.