القول فيه حذار أن يزلوا فيذهبوا عن المراد ، وإن كانوا علماء باللسان فقهاء في الدين.
واعلم أنه ليس لغير العالم بحقائق اللغة وموضوعاتها تفسير شيء من كلام الله ، ولا يكفي في حقه تعلم اليسير منها ، فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد المعنى الآخر (١) ".
ثم أورد الزركشي أمثلة كثيرة وهو يعرض لهذه المسألة وقع فيها الكبار ، وأمثلة أخرى عن تهيب عدد من السلف لتفسير القرآن.
وقال صاحب المفردات : " إن أول ما يحتاج أن يشتغل به من علوم القرآن العلوم اللفظية ، ومن العلوم اللفظية تحقيق الألفاظ المفردة ، فتحصيل معاني مفردات ألفاظ القرآن في كونه من أوائل المعاون في بناء ما يريد أن يدرك معانيه ، كتحصيل اللبن في كونه من أول المعاون في بناء ما يريد أن يبنيه ، وليس ذلك نافعا في علم القرآن فقط ، بل هو نافع في كل علم من علوم الشرع ، فألفاظ القرآن هي لب كلام العرب وزبدته ، وواسطته ، وكرائمه ، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحكمهم ، وإليها مفزع حذاق الشعراء والبلغاء في نظمهم ونثرهم ، وما عداها وعدا الألفاظ المتفرعات عنها والمشتقات منها هو بالإضافة إليها كالقشور والنوى بالإضافة إلى أطايب الثمرة ، وكالحثالة والتبن بالإضافة إلى لبوب الحنطة" (٢).
تراث غريب القرآن :
إن الناظر للكتب التي ألفت في هذا النوع يجدها ركزت على توضيح الكلمة الغريبة أو المشكلة من القرآن ، وشرحها وتفسيرها كي يقرب معناها ومدلولها ، مع الاهتمام بالقراءات ، وفي بعضها اهتمام غير قليل بالنحو والصرف والدلالة ، وعناية بالشواهد من الشعر والحديث ، وآراء أئمة اللغة ، وأقوال العرب واللغات ، وغير ذلك.
وإذا تأملنا مسميات هذه الكتب نجدها لا تعدو هذه المسميات : غريب
__________________
(١) البرهان في علوم القرآن : ١ / ٢٩٤ وما بعدها.
(٢) المفردات في غريب القرآن ، للراغب الأصفهاني : ص ٦ ، ت / محمد سيد كيلاني ، ط / الحلبي ١٣٨١ ه ـ ١٩٦١ م.