إن قلت : كيف يكون قتل الواحد كقتل الكلّ ، مع أن الجناية إذا تعدّدت كانت أقبح؟!
قلت : تشبيه أحد الشيئين بالآخر ، لا يقتضي تساويهما من كلّ وجه ، ولأن المقصود من ذلك المبالغة ، في تعظيم أمر القتل العمد العدوان.
أو لأن المعنى : من قتل نفسا بغير حقّ كان جميع النّاس خصومه في الآخرة مطلقا ، وفي الدّنيا إن لم يكن له وليّ.
أو المعنى : من قتل نبيا ، أو إماما عادلا ، كان كمن قتل النّاس جميعا ، من حيث إبطال المنفعة عن الكلّ.
٢٤ ـ قوله تعالى : (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ) [المائدة : ٤٧] الآية.
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن الإنجيل منسوخ بالقرآن؟!
قلت : معناه : وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه بما لم ينسخ بالقرآن.
أو المعنى : لمّا أنزلنا الإنجيل قلنا : وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه.
٢٥ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة : ٤٤].
كرّره ثلاث مرات ، وختم الأولى بقوله : (الْكافِرُونَ) والثانية بقوله : (الظَّالِمُونَ) والثالثة بقوله : (الْفاسِقُونَ!!)
قيل : لأنّ الأولى في حكّام المسلمين ، والثانية في حكّام اليهود ، والثالثة في حكّام النصارى.
وقيل : كلّها بمعنى واحد وهو الكفر عبّر عنه بألفاظ مختلفة ، لزيادة الفائدة ، واجتناب التّكرار.
وقيل : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) إنكارا له فهو كافر ، ومن لم يحكم بالحقّ ، مع اعتقاده للحقّ ، وحكم بضدّه فهو ظالم ، ومن لم يحكم بالحقّ جهلا وحكم بضدّه فهو فاسق.
وقيل : ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر بنعمة الله ، ظالم في حكمه ، فاسق في فعله.