سورة الصّافّات
١ ـ قوله تعالى
: (رَبُّ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ) [الصافات : ٥].
إن قلت : لم
جمع هنا المشارق وحذف مقابله ، وثنّاه في الرحمن ، وجمعه في المعارج ، وأفرده في
المزّمّل مع ذكر مقابله في الثلاثة؟!
قلت : لأن
القرآن نزل على المعهود ، من أساليب كلام العرب وفنونه ، ومنهما الإجمال والتفصيل
، والذّكر والحذف ، والجمع والتثنية والإفراد باعتبارات مختلفة ، فأفرد وأجمل في
المزمّل ، بقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ) أراد مشرق الصيف والشتاء ومغربهما ، وجمع وفصّل في
المعارج بقوله : (فَلا أُقْسِمُ
بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) أراد جميع مشارق السّنة ومغاربها ، وهي تزيد على
سبعمائة ، وثّنى وفصّل في الرحمن بقوله : (رَبُّ
الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) أراد مشرقي الصيف والشتاء ومغربهما ، وجمع وحذف هنا
بقوله : (رَبُّ الْمَشارِقِ) أراد جميع مشارق السنة ، واقتصر عليه لدلالته على
المحذوف ، وخص ما هنا بالجمع موافقة للجموع أول السورة ، وبالحذف مناسبة للزينة في
قوله : (إِنَّا زَيَّنَّا
السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) إذ الزينة إنما تكون غالبا بالضياء والنور ، وهما ينشآن
من المشرق لا من المغرب ، وما في الرحمن بالتثنية ، موافقة للتثنية في (يَسْجُدانِ) وفي (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما
تُكَذِّبانِ) وبذكر المتقابلين موافقة لبسط صفاته تعالى وإنعاماته
ثمّ ، وما في المعارج بالجمع ، موافقة للجمع قبله وبعده ، وبذكر المتقابلين موافقة
لكثرة التأكيد في القسم وجوابه ، وما في المزمّل بالإفراد موافقة لما قبله ، من
إفراد ذكر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وما بعده من إفراد ذكر الله تعالى ، وبذكر المتقابلين
موافقة للحصر في قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ولبسط أوامر الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ قوله تعالى
: (إِنَّا زَيَّنَّا
السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) [الصافات : ٦].
إن قلت : لم
خصّ سماء الدنيا بزينة الكواكب ، مع أنّ بقية السموات مزيّنة بذلك؟
قلت : لأنّا
إنّما نرى سماء الدنيا ، دون غيرها.
٣ ـ قوله تعالى
: (بَلْ عَجِبْتَ
وَيَسْخَرُونَ) [الصافات : ١٢].