فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ ..) [العنكبوت : ١٧] الآية.
نكّر الرزق أوّلا ، ثمّ عرّفه ثانيا ، لأنه أراد بذلك أن الذين تعبدون من دون الله ، لا يستطيعون أن يرزقوكم شيئا من الرزق ، فاتبعوا عند الله الرزق كله ، فإنه هو الرزّاق لا غيره.
٥ ـ قوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ..) [العنكبوت : ٢٠] الآية.
إن قلت : كيف أضمر لفظ" الله" أولا ، ثم أظهره ثانيا مع أن القياس العكس؟
قلت : تنبيها على عظم إنشائهم أي إعادتهم ، لأنها التي ينكرها الكافر ، فناسب ذكر الظاهر للإيضاح.
٦ ـ قوله تعالى : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ ..) [العنكبوت : ٢٢] الآية.
قال ذلك هنا ، واقتصر في الشورى (١) على (فِي الْأَرْضِ) لأن ما هنا خطاب لقوم فيهم" النمرود" الذي حاول الصعود إلى السماء ، فأخبرهم بعجزهم وأنهم لا يفوتون الله ، لا في الأرض ، ولا في السماء ، وما في الشورى خطاب لمن لم يحاول الصعود إلى السماء ، وقيل : خطاب للمؤمنين بقرينة قوله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) وقد حذفا معا للاختصار ، في قوله في الزمر : (وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ.)
٧ ـ قوله تعالى : (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [العنكبوت : ٢٤].
قاله هنا بالجمع ، وقاله بعد في قوله (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) بالتوحيد ، لأن ما هنا إشارة إلى إثبات النبوّة القائمة بالنبيّين ، وهم كثيرون فناسب الجمع ، وما بعد إشارة إلى التوحيد القائم بواحد ، وهو الله لا شريك له.
٨ ـ قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) [العنكبوت : ٢٧].
__________________
(١) في الشورى (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (٣١).