إن قلت : ما فائدة سؤاله تعالى لموسى ، مع أنه أعلم بما في يده؟!
قلت : فائدته تأنيسه ، وتخفيف ما حصل عنده من دهشة الخطاب ، وهيبة الإجلال ، وقت التكلم معه ، أو اعترافه بكونها عصا ، وازدياد علمه بذلك ، فلا يعترضه شك إذا قلبها الله ثعبانا ، أنها كانت عصى ثم انقلبت ثعبانا بقدرة الله تعالى.
٦ ـ قوله تعالى : (قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي) [طه : ١٨] الآية.
هو جواب موسى ـ عليهالسلام.
فإن قلت : لم زاد عليه : (أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى؟.)
قلت : قال ابن عباس رضي الله عنهما : إنه سئل سؤالا ثانيا : ما تصنع بها؟ فأجاب بذلك.
أو ذكر ذلك خوفا من أن يؤمر بإلقائها ، كما أمر بإلقاء النّعلين.
أو لئلا ينسب إلى التّعب في حملها ، مع المقام مقام البسط ، للتلذّذ بالكلام مع الرب تعالى ، ولهذا بسط في نفس الجواب ، إذ يكفي فيه أن يقول : عصا.
٧ ـ قوله تعالى : (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى) [طه : ٢٢].
جعل هنا الجناح مضموما إليه ، وفي القصص مضموما في قوله : (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ) لأن المراد به هنا ، ما بين العضد إلى الإبط من اليد اليسرى ، وبه ثمّ ذلك من اليد اليمنى ، فلا تنافي.
٨ ـ قوله تعالى : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) [طه : ٢٤].
قال ذلك هنا ، وقال في الشعراء : (وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. قَوْمَ فِرْعَوْنَ) وفي القصص : (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ.)
اقتصر في طه على فرعون ، لأنه الأصل بالنسبة إلى قومه ، مع سبق طه.
واكتفى في الشعراء بذكره في الإضافة ، عن ذكره مفردا.
وجمع بينهما : في القصص ليوافق قوله : (فَذانِكَ بُرْهانانِ) في التعدد.