إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن الشيطان وذريته ، ليسوا أولياء بل أعداء ، لأن الأولياء هم الأصدقاء؟!
قلت : المراد بالولاية هنا ، اتباع النّاس لهم فيما يأمرونهم به من المعاصي ، فالموالاة مجاز عن هذا ، لأنه من لوازمها.
١٥ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها) [الكهف : ٥٧].
قاله هنا بالفاء ، الدالة على التعقيب ، لأن ما هنا في الأحياء من الكفّار ، فإنهم ذكروا فأعرضوا عقب ما ذكروا ، وقاله في السجدة ب (ثُمَ) الدالة على التراخي ، لأن ما هناك في الأموات من الكفار ، فإنهم ذكّروا مرّة بعد أخرى ، ثم أعرضوا بالموت فلم يؤمنوا.
١٦ ـ قوله تعالى : (فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما ..) [الكهف : ٦١] الآية.
إن قلت : كيف قال ذلك ، مع أن الناسي" يوشع" وحده؟
قلت : نسبة النسيان إليهما مجاز.
أو المراد أحدهما ، كنظيره في قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) [الرحمن : ٢٢].
وقيل : نسي" موسى" بفقده الحوت ، و" يوشع" أن يخبره بخبره.
١٧ ـ قوله تعالى : (حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها ..) [الكهف : ٧١] الآية.
قاله بغير فاء ، وقال بعد : (حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ) بالفاء ، لأنه جعل خرقها جزاء الشرط ، فلم يحتج للفاء ، وجعل قتل الغلام من جملة الشرط ، فعطفه عليه بالفاء ، وجزاء الشرط قوله : (قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ.)
١٨ ـ قوله تعالى : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) [الكهف : ٧١].
قاله بلفظ" الإمر" لأنه للعجب ، والعجب كما يكون في الخير ، يكون في الشرّ ، وقاله بعد في قتل الغلام بلفظ (نُكْراً) لأنه لا يكون إلا في الشر ، وقتل النفس أعظم من مجرّد خرق السفينة ، فناسب كلّ ما هو فيه ، ولذلك قال في خرق السفينة (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ) بحذف (لَكَ) وفي قتل الغلام (أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ) بذكره ، ولأن في