وهذا من صدق العزم وقوة الجاه ، وكيف لا يكون أنبياء الله ، صلوات الله وسلامه عليهم ، كذلك؟ رزقنا الله الذي أرسلهم ونبّأهم بركتهم في الدنيا والآخرة.
وكاد زيد بنفسه ، قيل : معناه جاد بها ، ومنه الحديث : «دخل عليه الصلاة والسّلام على سعد وهو يكيد بنفسه» (١)
والكيد : الحيض ، ومنه أنّ ابن عباس «مرّ بجوار وقد كدن فأمر أن ينحّين عن الطريق» (٢). والكيد ـ أيضا ـ : القيء ، ومنه حديث الحسن : «إذا بلع الصائم الكيد أفطر» (٣). والكيد : الحرب ، وفي حديث عمر : «فرجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يلق كيدا» (٤) أي حربا. والأحسن أنّه على العموم. وفي الحديث : «عقول كادها باريها» (٥) أي أضلّها.
و «كاد» من أفعال المقاربة تعمل عمل كان إلا أنّ خبرها لا يكون إلا مضارعا ، واقترانه بأن ضرورة. كقوله (٦) : [من الرجز]
قد كاد من طول البلى أن يمحصا
أو نادر كقول عمر رضي الله عنه : «ما كدت أن أصلي العصر». ويستعمل منها المضارع دون الأمر ؛ قال تعالى : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ)(٧). وندر كون خبرها اسما مفردا ، وأنشد لتأبّط شرا (٨) : [من الطويل]
فأبت إلى فهم وما كدت آيبا |
|
وكم مثلها فارقتها وهي تصفر |
وزعم بعضهم أنها إذا نفيت كان الكلام إثباتا ، وإذا لم تنف كان نفيا ، حتى ألغزوا ذلك في بيتين وهما : [من الطويل]
__________________
(١) النهاية : ٤ / ٢١٦ ، يريد النزع.
(٢) النهاية : ٤ / ٢١٧.
(٣) المصدر السابق وفيه : « .. بلغ».
(٤) المصدر السابق ، وفيه الحديث لابن عمر.
(٥) المصدر السابق ، وفيه رواية أخرى. والحديث لعمرو بن العاص.
(٦) الرجز لرؤبة ، وهو من شواهد التاج ـ مادة كاد.
(٧) ٤٣ / النور : ٢٤.
(٨) اللسان ـ مادة كيد. وفي الأصل : وما كنت.