والكركرة ـ أيضا ـ صوت يردّده الإنسان في جوفه ، وقال شمر : الكركرة من الإدارة والتّرديد ، وهو من كرّ.
والكرّ ـ بالفتح ـ : الحبل المفتول لأنه كرّر مثله ، وهو في الأصل مصدر سمّي به الحبل ، وجمعه كرور.
والكرّ مقدار معلوم ، وقال النّضر : الكرّ بالبصرة ستة أوقار ، قال الأزهريّ : الكرّ : ستون قفيزا. والقفيز ستة مكاكيك ، والمكّوك : صاع ونصف ، وهو ثلاث كيلجات ؛ فالكرّ على هذا الحساب اثنا عشر وسقا ، وكلّ وسق ستون صاعا.
ك ر س :
قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)(١). الكرسيّ في العرف العامّ : اسم لما يقعد عليه ، واشتقاقه من الكرس وهو المتلبّد ، وقال الراغب (٢) : وهو في الأصل منسوب إلى الكرس أي المتلبّد. قلت : وفيه نظر لأنّ النّحويين نصّوا على أنّ ياءه وياء يحيى ونحوهما ليسا للنّسب. واستدلّوا بأنهما جمعا على فعالي ، وفعالي لا يكون جمعا لما ياؤه للنسب ، ولذلك خطّؤوا من قال : إنّ أناسيّ من قوله تعالى : (وَأَناسِيَّ كَثِيراً)(٣) جمع أنسي لأنّ ياءه تدلّ على النسب ، بل هو جمع لإنسان على ما قررته في غير هذا الموضع ، فإن عنى أنّ ياءه في الأصل للنسب فيه أن معنى النسب مهجور فيه ، وهو الظاهر من عبارته ، فصحيح. والمادة تدلّ على الانضمام والاجتماع ، ومنه الكرّاسة للمجتمع من الأوراق.
وكرّست البناء فتكرّس. وقيل الكرس : أصل الشيء ، ومنه قول العرب : هو عظيم الكرس. وأنشد قول العجاج (٤) :
يا صاح هل تعرف رسما مكرّسا |
|
قال : نعم أعرفه ، وأبلسا |
__________________
(١) ٢٥٥ / البقرة : ٢.
(٢) المفردات : ٤٢٨.
(٣) ٤٩ / الفرقان : ٢٥.
(٤) من مطلع رجز للحجاج (الديوان : ١ / ١٨٥).