قلت : كأنه يعتذر عن جمع قليل لأنه يكتفي به عن الجمع. والتحقيق في جوابه أنه لمّا أراد اختلاف أنواعه ساغ جمعه.
والقلّة تقابل الكثرة ويستعملان في الأعداد ، كما أنّ الصّغر والعظم للآخر (١) ، ومن القلّة والصّغر للآخر.
وقوله : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً)(٢) أي وقتا قليلا. قوله : (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً)(٣) وقوله : (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً)(٤) أي وقتا قليلا منهم والقلّة يكنّى بها تارة عن الذّلّة اعتبارا بقول الحطيئة (٥) : [من السريع]
ولست بالأكثر منهم حصى |
|
وإنّما العزّة للكاثر |
قال الراغب : وعلى ذلك قوله تعالى : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ)(٦) وتارة يكنّى بها عن العزّة ومنه قوله تعالى : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ)(٧) وذلك أنّ ما يقلّ يعزّ وجوده.
قوله : (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً)(٨) قليلا يجوز أن يكون نعت مصدر محذوف أي إلا علما قليلا ، وأن يكون استثناء من مرفوع «أوتيتم» أي إلا قليلا منكم.
قوله : (وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً)(٩) يعني بالقليل هنا العرض الدّنيويّ ، وجعله قليلا بالنسبة لما أعدّه الله تعالى للمؤمنين في الآخرة. وعليه قوله تعالى : (قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ)(١٠).
__________________
(١) يريد الأجسام أو الأجرام.
(٢) ٢ / المزمل : ٧٣.
(٣) ٢٠ / الأحزاب : ٣٣.
(٤) ١٣ / المائدة : ٥.
(٥) المشهور : بالأكثرين.
(٦) ٨٦ / الأعراف : ٧.
(٧) ١٣ / سبأ : ٣٤.
(٨) ٨٥ / الإسراء : ١٧.
(٩) ٤٤ / المائدة : ٥.
(١٠) ٧٧ / النساء : ٤.