الدّعاء ، ومعناه إيجاد ذلك من الله بهم. وقيل : هذا يستعمل في تعظيم الشيء نحو : قاتله الله! وقتله الله ما أشجعه! ومنه : «ويلمّه! مسعر حرب» (١).
وقوله : (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(٢) قيل : معناه لعنهم ، وقيل : قتلهم ، نحو : عاقبت اللصّ. والأظهر أنّ المفاعلة فيه منبهة على أنّ الفعل بولغ فيه بحيث إنه صدر من اثنين. وقد حقّقنا عند قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ).
وقتلت الخمر بالماء : أي مزجتها لكسر سورتها ، تشبيها بقتل الحيّ ، وكذلك قال بعضهم ، والصحيح أن ذلك هو المفاعلة ، والمعنى صار بحيث يتصدّى لمحاربة الله تعالى ؛ فإنّ من قاتل الله تعالى فمقتول ، ومن غالبه فمغلوب. وذلك أن المفاعلة المحاربة وتحرّي القتل ، ولذلك قال تعالى : (قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ)(٣) وقوله : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ)(٤) قرىء : «ولا تقتلوهم ... فإن قتلوكم» (٥) بالفعل والمفاعلة ، ومعناهما واضح ، إلا أن معنى قوله : (فَإِنْ قاتَلُوكُمْ ... فَاقْتُلُوهُمْ) أي فإن قتلوا بعضكم ، أو فإن عزموا وشارفوا قتلكم وتحقّقتم منهم ذلك أو غلب على ظنكم ، وإلا فبعد أن تقتلوا كلّهم حقيقة يستحيل أن تقتلوا بعد ذلك غيرهم ، وقال ابن عرفة : وهذا من فصيح الكلام ؛ يقال : قتلنا بنو فلان : أي قتلوا منا (٦) ، وأنشد الأخطل (٧) : [من الوافر]
لقد بلغوا الشّفاء فخيرونا |
|
بقتلى من يقتّلنا رياح |
قوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)(٨) قيل : عنى به وأد البنات ، وكانت
__________________
(١) من حديث أبي بصير كما في النهاية : ٢ / ٣٦٧ ، واللسان ـ مادة سعر. والمثل مذكور في د ، وبياض في ح وس.
(٢) ٣٠ / التوبة : ٩.
(٣) ١٢٣ / التوبة : ٩.
(٤) ١٩١ / البقرة : ٢. وما بعده ساقط من ح.
(٥) كذا قراءة أصحاب عبد الله ، والمعنى ها هنا : فإن بدؤوكم بالقتل فاقتلوهم (معاني القرآن للفراء : ١ / ١١٦).
(٦) يريد : قتلوا منا واحدا.
(٧) غير مذكور في الديوان.
(٨) ٣١ / الإسراء : ١٧.