قوله تعالى : (تَرْهَقُها قَتَرَةٌ)(١) أي دخان يغشى وجوههم ، وذلك إشارة إلى ما يرسله الله تعالى عليهم من اسوداد الوجوه وزرقة العيون ، كقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ)(٢) ليعرفوا من الموفّق ، نسأل الله العظيم مالك أمر ذلك اليوم أن يبيّض وجوهنا وصحائفنا.
والقترة : ناموس الصائد الحافظ لقتار الإنسان أي الريح ، لأنّ الصائد يجتهد في إخفاء ريحه عن الّصيد لئلّا ينفر ويندّ. ورجل قاتر : ضعيف ، كأنه لخفّته من ضعفه صار بمنزلة القتار كقولك هو هباء.
وابن قترة : نوع من الحيّات ، سمي بذلك لخفته وسرعة وثوبه. والقتير : رؤوس مسامير الدرع. ويقال : قتر يقتر ويقتر بالكسر والضم وقرىء بهما (٣). وكان بنو عبد الملك يحسدون عمر بن عبد العزيز على كلامه ، فجاء يوما وبنو عبد الملك عنده فسأله عن حاله ، فقال : كالحسنة بين السيئتين ، يشير إلى قوله : (لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً). وفي الحديث : «أنّ أبا طلحة كان يرمي والنبيّ صلىاللهعليهوسلم يقتّر بين يديه النصال» (٤) أي يسوّيها.
والإقتار : سهام صغار ، والقتر : نصال الأهداف. وقيل : يجمّع له الحصى والتراب يجعله قترا (٥). وفي الحديث : «تعوّذوا بالله من قترة وما ولد» (٦) يعني من إبليس ، وقترة لقب له كأنه لقّب باسم الحية الخبيثة.
والقتير : الشّيب ، وفي الحديث : «قال : قد رأت القتير. قال : دعها» (٧) قال الشاعر : [من الكامل]
__________________
(١) ٤١ / عبس : ٨٠.
(٢) ١٠٦ / آل عمران : ٣. وأهل الموقف : الحشر.
(٣) قرأ أبو عبد الرحمن وعاصم «يقتروا» وقرأ الحسن «يقتروا» ومثله ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب (معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٧٢ وانظر الإتحاف فيه).
(٤) النهاية : ٤ / ١١. من التقتير وهو المقاربة بين الشيئين وإدناء أحدهما من الآخر :
(٥) هو كلام الهروي.
(٦) النهاية : ٤ / ١٢.
(٧) المصدر السابق.