وقيل : معناه رضيها ؛ تقول : قبلت الشيء أي رضيته. وإنما قال : «تقبّلها» بلفظ الماضي دون المضارع ، قال الراغب : للجمع بين الأمرين.
التقبّل : هو الترقّي في القبول ، والقبول الذي يقتضي الرّضا والإثابة. وقيل : هو من قولهم : فلان عليه قبول : إذا أحبّه من رآه.
قوله : (وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً)(١) قرىء بضمّتين ، وهو جمع قبيل ، ولذلك قال مجاهد : معناه جماعة جماعة. وقال غيره : المعنى المقابلة ، أي لو حشرنا عليهم كلّ شيء فقابلهم مقابلة ، وقيل : هو جمع قبيل أيضا لكن بمعنى الكفيل ، والمعنى مقابل لحواسّهم. وقيل : قبلا بكسرة وفتحة ، ومعناه عيانا جهارا.
قوله تعالى : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً)(٢) قال ابن عرفة : أي جميعا. وأنشد للسموءل ، وقيل لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي (٣) : [من الطويل]
معوّدة ألّا تسلّ نصالها |
|
فتغمد حتى يستباح قبيل |
وقال آخرون : معناه كفيلا ، أي يأتي بهم كفيلا بما يقول ويدّعي. وفعيل يستوي فيه الواحد والجمع حسبما قرّرناه في غير هذا الموضع.
قوله : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ)(٤). الشعوب في العجم كالقبائل في العرب وكالأسباط في بني إسرائيل ، وهو جمع قبيل ، والقبيلة : الجماعة المجتمعة التي يقبل بعضها على بعض ، وفي المثل : «فلان لا يعرف القبيل من الدّبير» (٥) أي ما أقبلت به المرأة من غزلها وما أدبرت به. والمقابلة والتقابل أن يقبل بعضهم على بعض إمّا بالذات وإما بالعناية
__________________
(١) ١١١ / الأنعام : ٦. وقرأها نافع وابن عامر وأبو جعفر بفتحتين كان معناها : معاينة (معاني القرآن للفراء : ١ / ٣٥١).
(٢) ٩٢ / الإسراء : ١٧.
(٣) البيت مذكور في ديوان السموءل من قصيدته «إن الكرام قليل» : ٩٢. قبيل : الجماعة من آباء شتى.
(٤) ١٣ / الحجرات : ٤٩.
(٥) لم نعثر على المثل في المظانّ ، وهو في اللسان ـ مادة دبر.