ذو مواطن وأزمنة مختلفة فيسألون في وقت ، ولا يسألون سؤال تكرمة بل سؤال تقريع وتوبيخ. ولذلك قال تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)(١) عند من وقف عند (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) وهو الظاهر. كان ابن عباس ، وحقّ له أن يقول لقوله عليه الصلاة والسّلام في حقّه : «اللهمّ فقّهه في الدّين وعلّمه التأويل» (٢) يقول : أنا منهم. وقد ذكرنا طرفا من القول في مادة «أول» في صدر هذا الموضوع.
ف س ق :
قوله تعالى : (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)(٣) أي خرج. والفسق : الخروج ، يقال : فسقت الرطبة : إذا خرجت من قشرها. والفسق الشرعيّ : عبارة عن الخروج عن الطاعة وهي امتثال الأوامر واجتناب النّواهي. قال الراغب (٤) : الفسق أعمّ من الكفر ويقع بالقليل من الذنوب والكثير ، لكن تعورف فيما كان كبيرة ، قال : وأكثر ما يقال الفاسق لمن (٥) التزم حكم الشرع وأقرّ به ثم أخلّ بجميع أحكامه أو بعضها.
وقيل للكافر الأصليّ فاسق لأنه أخلّ بما التزمه العقل واقتضته الفطرة ، وقوبل بالمؤمن في قوله تعالى : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً)(٦) وقوله : (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ)(٧). فالفاسق أعمّ من الكافر ، والظالم أعمّ من الفاسق.
قوله : (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ)(٨) أي لخروج عن الحقّ. وقد غلط ابن الأعرابيّ فقال : لم يسمع الفاسق في وصف الإنسان في كلام العرب ، وإنما قالوا : فسقت الرّطبة عن قشرها.
__________________
(١) ٧ / آل عمران : ٣.
(٢) النهاية : ٣ / ٤٦٥ ، أي فهّمه.
(٣) ٥٠ / الكهف : ١٨.
(٤) المفردات : ٣٨٠.
(٥) في الأصل : لما ، والتصويب من المفردات.
(٦) ١٨ / السجدة : ٣٢.
(٧) ١١ / الحجرات : ٤٩.
(٨) ١٢١ / الأنعام : ٦.