ف ر ض :
قوله تعالى : (لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ)(١). الفارض من البقر التي طعنت في السنّ كأنّها فرضت سنّها أي قطعته. وقيل : سمي فارضا لأنه فارض الأرض أي قاطع لها أو قاطع لما يحمّل من الأعمال الشاقّة. وقيل : بل لأنّ فريضة البقر اثنان : تبيع ومسنّة ؛ فالتّبيع يجوز في حال دون حال ، والمسنّة يجوز بذلها في كلّ حال ، فسميت المسنّة فارضا لذلك. قال الراغب (٢) : فعلى هذا يكون الفارض اسما إسلاميا ، وإنّما سمّي الفارض فارضا لقدمه ، وكلّ قديم يقال له فارض. وأنشد يقول (٣) : [من الرجز]
يا ربّ ذي ضغن عليّ فارض |
|
له قروء كقروء الحائض |
وأصل الفرض : قطع الشيء الصلب والتأثير فيه كقطع الحديد ، وفرض الزّند والقوس. والمفرض والمفراض : ما يقطع به الحديد. فرضة الماء : مقسمه.
والفرض والواجب عند بعضهم مترادفان ، وعند آخرين متغايران ؛ فالفرض ما ثبت بدليل قطعي ، كفرض الظهر وغيره من الخمس. والواجب ما ثبت بدليل كالوتر. قال الراغب : والفرض كالإيجاب لكنّ الإيجاب يقال اعتبارا بوقوعه وثبوته ، والفرض بقطع الحكم فيه. قال تعالى : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها)(٤) أي أوجبنا العمل بها ، وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)(٥) أي أوجب عليك العمل به ، ومنه يقال لما ألزم الحاكم من النفقة : فرض. وقرىء «وفرضناها» مخففا ومشددا (٦) ؛ فالمخفّف بمعنى : جعلنا فيها فرائض الأحكام ، والتشديد : جعلنا فيها فريضة بعد فريضة. وقال الأزهريّ : في التخفيف : ألزمناكم العمل بها ؛ وبالتشديد فصّلناها وبيّنا ما فيها.
__________________
(١) ٦٨ / البقرة : ٢.
(٢) المفردات : ٣٧٦.
(٣) أنشده ابن الأعرابي ، مع اختلاف في الرواية (اللسان ـ مادة فرض).
(٤) ١ / النور : ٢٤.
(٥) ٨٥ / القصص : ٢٨.
(٦) يقول الفراء : «والتشديد لهذين الوجهين حسن» (معاني القرآن : ٢ / ٢٤٤).