بعضها إلى بعض في التّعاضد (١). وهذا لا يصحّ لأنّ «فئة» عينها همزة ولامها ياء حذفت ، فهي كمئة ، والأصل : فئية (٢) بدليل قولهم : أمأت الدراهم : أي صيّرتها مئة ، فإن ادّعوا فيها قلبا أو حذف عين فلا يسمع لمخالفته الأصول. ونقل الهرويّ وغيره في لامها وجهين : أحدهما أنها ياء ، والثاني أنها واو ، وقال : هو من قولهم : فأيت رأسه وفأوته : إذا شققته فانفأى. قلت : وبهذا الاشتقاق يعلم فساد قول من جعلها من فاء يفيء إذا رجع كما قدمت. ويجمع جمعي التّصحيح فيقال : فآت (٣) ، وهو القياس ، وفئون. ولا نبالي بتاء التأنيث لأنها عوض من لام كما يقال مئون ومئين. قال الشاعر (٤) : [من الطويل]
ثلاث مئين للملوك وفى بها |
|
ردائي وجلّت عن وجوه الأهاتم |
قوله تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ)(٥) أي فرقتين. فانتصابها على الحال ، وذلك أنّ المسلمين افترقوا في شأنهم فرقتين : فرقة تكفّرهم وأخرى لم تكفّرهم. وقوله تعالى : (أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ)(٦) أي إلى فرقة وطائفة ، وفي الحديث يمهّد عذر أصحابه : «أنا فئتكم» (٧) يشير إلى الآية.
__________________
(١) المفردات : ٣٨٩.
(٢) وفي التهذيب (اللسان ـ مادة فأي) : الفئة بوزن فعة ... وكانت في الأصل : فئوة بوزن فعلة. ومئة أصلها مئى مثل معى. بينما الشاطبي يؤيد ما جاء في المتن.
(٣) وفي الأصل : فيأت ، وهو وهم.
(٤) البيت لمجهول ، وهو من شواهد ابن يعيش (شرح المفصل : ٦ / ٢١).
(٥) ٨٨ / النساء : ٤.
(٦) ١٦ / الأنفال : ٨.
(٧) النهاية : ٣ / ٤٠٦.