لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(١) أي اشتداد ظلامه. وقيل : الغاسق : الليل المظلم. يقال غسق الليل يغسق غسوقا وغسقا : إذا اشتدّ ظلامه فهو غاسق. ومنه قول الربيع بن خثعم لمؤذنه كلّ يوم غيم «أغسق أغسق» (٢) أي أخّر الأذان وقت المغرب ليدخل وقتها محقّقا ، أي ادخل في الغسوق (٣) نحو أظلم وأصبح (٤) أي دخل فيهما. ومعنى الاستعاذة من شرّ القمر أو الليل ، أنّ الشرور تحدث فيهما ، أي من شرّ الحوادث الكائنة فيهما (٥).
قوله : (حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ)(٦) قرىء مشدد العين ومخففها (٧) ، وهما ما يسيل من صديد أهل النار وما يصهر من جلودهم ، أعاذنا الله من ذلك بمنّه وكرمه ، من قولهم : غسقت عينه : إذا سالت بالدمع. وقيل : هو دموعهم التي تخرج من عيونهم لكثرة بكائها يسقونها مع الحميم ، عن مجاهد. وقيل : المجفف البارد الذي يمزق برده ، ومنه قولهم : الليل غاسق ، لأنه أبرد من النهار. وفي حديث عمر : «حتى يغسق الليل على الظّراب» (٨) قال ابن الأعرابيّ : أي ينصبّ على الجبال ، من غسقت عينه (٩) ، أي انصبّت.
غ س ل :
قوله تعالى : (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ)(١٠) هو فعلين من الغسل ، وهو ما ينغسل من أبدان أهل النار وما يسيل من صديدهم ، وهو غسالة أبدان الكفرة. والغسل والغسل مصدرا
__________________
(١) ٧٨ / الإسراء : ١٧.
(٢) النهاية : ٣ / ٣٦٧. وكلمة غيم من م والنهاية.
(٣) وفي الأصل : الغسق.
(٤) أي : ذكرتها النسخة م.
(٥) الجار والمجرور من النسخة م.
(٦) ٥٧ / ص : ٣٨.
(٧) يقول الفراء : الغسّاق تشدّد وتخفف ؛ شدّدها يحيى بن وثّاب وعامة أصحاب عبد الله ، وخففها الناس بعد (معاني القرآن : ٢ / ٤١٠). ويقول ابن منظور : قرأه أبو عمرو بالتخفيف والكسائي بالتشديد (مادة ـ غسق).
(٨) النهاية : ٣ / ٣٦٧.
(٩) الكلمة من م.
(١٠) ٣٦ / الحاقة : ٦٩.