عُمُرِهِ)(١) أي من عمر معمّر آخر. وهذا يسميه النحويون مما يعود عليه الضمير لفظا لا معنى. وينظرونه بقولهم : عندي درهم ونصفه ، أي نصف درهم آخر. وينشدون قول الشاعر (٢) : [من الطويل]
وكلّ أناس قاربوا قيد فحلهم |
|
ونحن خلعنا قيده فهو سارب |
وأجاب بعضهم بأنّ معنى : عندي درهم ، أي مقداره. وعلى هذا فالضّمير عائد عليه لفظا ومعنى ، وفيه لنا مقال ليس هذا موضع تحريره. قوله : (وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها)(٣) يريد تعالى ما بنوه من الأبنية العتيدة والأساطين الشديدة وشقّ الأنهار وغرس الأشجار كما دوّخت الأرض ساسان والفرس فإنّهم هم الذين عنوا (٤) بذلك. والعمارة : ضدّ الخراب. وأعمرت الرجل واستعمرته : فوّضت إليه العمارة.
والعمر : اسم لمدة عمارة البدن بالحياة. وفرّق بعضهم بين العمر والبقاء ؛ فقال : العمر دون البقاء ، فإذا قيل : طال عمره فمعناه عمارة بدنه بروحه. وإذا قيل : بقاؤه فليس يقتضي ذلك ؛ فإن البقاء ضدّ الفناء. ولفضل البقاء على العمر وصف تعالى به ، وقلّما وصف بالعمر. والتّعمير : إعطاء العمر بالفعل أو بالقول على سبيل الدعاء. والعمرى في النّحل أن يقال : أعمرتك هذه الدار ، أي جعلتها لك مدة عمرك أو عمري كالرّقبى. والعمارة أيضا بمعنى الجماعة ، وهي أخصّ من القبيلة ، لأنها اسم الجماعة بها عمارة المكان. والعمار ـ بالفتح ـ : ما يضعه الرئيس على رأسه ظاهر لرئاسته من عمامة ونحوها.
والمعمر : المسكن ما دام عامرا بسكانه ، ثم سمي به الرجل ، ومنه جميل بن معمر (٥). والعومرة : صخب يدلّ على عمارة المكان بأربابه (٦). قوله : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)(٧) ؛ العمرة في الأصل : الزيارة. يقال : اعتمر فلان يعتمر : إذا زار. وهي في
__________________
(١) تابع الآية السابقة.
(٢) البيت للأخنس بن شهاب التغلي (اللسان ـ سرب).
(٣) ٩ / الروم : ٣٠.
(٤) بياض في الأصل ، والكلمة من م.
(٥) هو جميل بثينة.
(٦) يقول ابن منظور : تركت القوم في عومرة ، أي صياح وجلبة.
(٧) ١٩٦ / البقرة : ٢.