وطغيانا. وأمّا الرّفعة في الأمور الدّنيوية من طلب مال ورياسة عقل فلا يسلم منها كالأنبياء ومن والاهم.
قوله : (هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ)(١) قرىء علي (٢) أي مرتفع. ومعنى قراءة العامة أنّ طريق الخلق كلّهم عليّ فلا يفوتني منهم أحد ، اللهمّ بجاه كتابك القرآن ونبيّك محمد صلىاللهعليهوسلم اعصمنا منه ومن نزغاته. واعلم أنّ «على» قال النحاة فيها : إنها تكون مترددة بين الفعلية والاسمية والحرفية ؛ فتكون فعلا ماضيا متعديا ؛ تقول : علا زيد السطح ، وأنشد (٣) : [من الطويل]
علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم |
|
بأبيض ماضي الشّفرتين يماني |
وتكون حرفا إذا جرّت ما بعدها نحو : (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)(٤) وتكون اسما إذا دخل عليها حرف جر نحو من في قول الشاعر ؛ هو مزاحم العقيليّ (٥) : [من الطويل]
غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها |
|
تصلّ ، وعن قيض بزيزاء مجهل |
قالوا : لأنّ حرف الجرّ لا يدخل على مثله ويكون معناها حينئذ معنى فوق. فإذا قلت : غدت من عليه ، أي من فوقه ومن جهة علوّه. وقال بعضهم : تكون اسما إذا أدّى جعلها حرفا إلى تعدّي فعل المضمر المتصل في غير باب ظنّ وفي لفظتي فقد وعدم. وأنشد (٦) : [من المتقارب]
هوّن عليك فإنّ الأمور |
|
بكفّ الإله مقاديرها |
فليس بآتيك منهيّها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها |
__________________
(١) ٤١ / الحجر : ١٥.
(٢) هي قراءة يعقوب والحسن (معاني القرآن للفراء ، وحاشيته : ٢ / ٨٩). وبالرفع تكون نعتا للصراط.
(٣) البيت من شواهد المغني : ٥٢.
(٤) ١٦٠ / آل عمران : ٣.
(٥) البيت من قصيدة طويلة لمزاحم (شرح المفصل : ٨ / ٣٨).
(٦) البيتان للأعور الشّنّيّ ، كان عمر كثيرا ما ينشدهما (الكتاب : ١ / ٦٤ ، مغني اللبيب : ٤٨٧).