إذا ردّ عافي القدر من يستعيرها
قوله : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ)(١) قال ابن عرفة : أي من جعل له في ماله دية (فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) من الطالب (وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) من المطالب. قال : وسميت الدية عفوا لأنها يعفى بها عن الدم ؛ ألا ترى إلى قوله : (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ)(٢). وقال (٣) : أي من جعل له من أولياء المقتول عفو من الدّية ، أي فضل بدل أخيه المقتول فاتباع بالمعروف ، أي مطالبة جميلة. قال : ومن معناه البدل. قال : ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ)(٤) أي بدلكم.
وعوّضت فلانا من حقّه ثوبا ، أي بدل حقّه. قوله : (حَتَّى عَفَوْا)(٥) أي كثروا وكثرت أموالهم. وقيل : «فمن عفي له من أخيه شيء» أي ترك. قوله : (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ)(٦) أي التاركين حقوقهم مع قدرتهم على إنفاذها ، ولذلك عقبه بقوله : (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
قوله : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ)(٧) اختلف في ضمير «بيده» ؛ فقيل للزوجة وقيل للوليّ. قوله تعالى : (عَفَا اللهُ عَنْكَ)(٨) أي رفع لك بذلك درجات حيث اجتهدت فأثبت. سمّى ذلك عفوا وإن كان مدلوله في الأصل لغيره عليه الصلاة والسّلام. محا الله ذنبك. وفي الحديث : «ويرعون عفاءها» (٩) هو ما ليس لأحد فيه ملك من عفا الشيء إذا
__________________
(١) ١٧٨ / البقرة : ٢.
(٢) تابع الآية السابقة.
(٣) القول لأبي منصور كما في النسخة م.
(٤) ٦٠ / الزخرف : ٤٣.
(٥) ٩٥ / الأعراف : ٧.
(٦) ١٣٤ / آل عمران : ٣.
(٧) ٢٣٧ / البقرة : ٢.
(٨) ٤٣ / التوبة : ٩.
(٩) النهاية : ٣ / ٢٦٦.