الإشكالات من المتأخّرين إنّما هي مغالطات واضحة البطلان. هذا بالنسبة إلى ما يستفاد من نفس الآية الكريمة. وأمّا بالنسبة إلى السنّة الشريفة ، فسيأتي في البحوث اللاحقة ما يتعلّق بذلك.
قوله تعالى : (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ).
الجناح : الإثم والمنع ، أي : لا منع ولا إثم على الزوجين في المتعة إذا تراضيا على حطّ المهر كلا أو بعضا من بعد الفريضة والتقدير ، وهذا الحكم لنفي التوهّم في أنّه بعد الفرض والتقدير للأجر لا يجوز لأحدهما التصرّف فيه ، فيكون النهي في مقام دفع توهّم الحظر والمنع كما هو معروف ، ولا يختصّ هذا الحكم بالمتعة ، بل قد تقدّم في مهر عقد النكاح أيضا ، قال تعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) [سورة النساء ، الآية : ٤].
نعم ، يفترق النكاح الدائم عن المنقطع في أنّه يشترط في الأخير ذكر المهر والأجل في العقد ، وإلا يكون باطلا دون الأوّل ، فإنّه لو لم يذكر فيه المهر كان العقد صحيحا ، ويسمّى حينئذ تفويض البضع ، كما أنّه لو ذكره إجمالا في عقد النكاح من دون تفصيل سمّي مفوضة المهر.
ويمكن أن تحمل الآية الشريفة على المعنى العامّ في كلّ شرط سائغ بعد الفريضة في العقد إذا تراضيا عليه ، هذا في غير الأجل ، فإنّ التراضي على زيادة الأجل بأجر آخر موضع خلاف بين الفقهاء.
وكيف كان ، فإنّ هذا الاحتمال وإن كان صحيحا ثبوتا ويمكن الاستشهاد عليه ببعض الأخبار ، إلا أن تطبيق الآية المباركة عليه يحتاج إلى تكلّف ، لا سيما بعد ظهور قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ) في الأجر ، وسيأتي في البحث الروائي ما يتعلّق بذلك.