بشعيرة الصلاة والتوجّه إلى عبادة الله تعالى بالتطهير من الخبائث وما يوجب البعد عن مقام الأحديّة عند الوقوف بين يديه عزوجل ، ليكون وسيلة للابتعاد عن أهوال يوم القيامة ـ ذلك اليوم الذي يتمنّى الكافر أن يسوى مع الأرض ـ والتقرّب إليه سبحانه وتعالى.
التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)
ذكرنا مرارا أنّ الخطابات القرآنيّة عامّة تشمل جميع أفراد الناس الموجودين حال الخطاب وغيرهم ، كما أنّها تعمّ المؤمنين وغيرهم ، إلا إذا دلّ على التخصيص ، وهو مفقود في المقام.
وإنّما خصّ عزوجل المؤمنين تشريفا لهم بالأهليّة للخطاب الربوبيّ ، وهم الفائزون بشرف العمل به. وللإرشاد بأنّ العمل بهذه التكاليف يوجب الاتصاف بصفة الإيمان.
وذكر بعضهم : أنّ الخطاب في المقام إنّما هو للمؤمنين السكارى ، وهم لا يعون الخطاب ، فيكون مثل هذا دليلا على جواز التكليف المحال ، ولكن فساد ذلك واضح ، فإنّ الخطاب لا يستلزم وجود السكارى حاله ، لما ثبت في الأصول أنّ صحّة الخطاب لا تدور مدار وجود المخاطبين ، ولذا صحّ خطاب المعدومين وفاقدي الأهليّة والشروط ، فراجع (تهذيب الأصول).
وكيف كان ، فهذا الخطاب المبدوء بحرف النداء والتنبيه يدلّ على أهميّة الحكم.
قوله تعالى : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى).
القرب معروف ، وهو الدنو من الشيء مقابل البعد ، فهما يستعملان في الزمان والمكان ، وفي النسبة والقدرة والرعاية وغيرها ، قال تعالى : (اقْتَرَبَ