بحث دلالي
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأوّل : تدلّ مجموع الآية الشريفة : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ ...) على مرجوحية نكاح الإماء ، حيث اشترط عزوجل في جواز نكاحهن أمرين : عدم الطول ، وخوف العنت ، وما تضمّنته الآية المباركة من الترغيب في نكاحهن عند توفّر الشرطين ثمّ الأمر بالصبر أخيرا والإرشاد إلى ترك ذلك بل استحبابه ، كلّ ذلك يدلّ على مرجوحيّة النكاح بهن وكراهته ، ولكن لا يستفاد من جميع ذلك حرمة نكاحهن ، وهو المشهور بين العلماء.
وذهب جمع إلى الحرمة إذا فقد أحد الشرطين المزبورين لمفهوم الآية الكريمة ، فإن الأوّل مفهوم الشرط ، والثاني وإن كان مفهوم الصفة ، إلا أنّه لا يقصر عن المنطوق في الدلالة ، واستدلّوا على ذلك بجملة من الروايات التي حملها على الكراهة أولى من الحرمة ، بقرينة جملة اخرى من الأحاديث.
وأمّا المفهوم ، فلا حجّة فيه مع سياق الآية الشريفة الدالّ على التنزّه كما عرفت ، ولدخول نكاح الإماء بالعقد في الفرض المزبور تحت العمومات الدالّة على الإباحة ، والتفصيل مذكور في كتب الفقه.
الثاني : يستفاد من قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ) ، رجحان النكاح بالحرائر المؤمنات مع التمكّن من المهر.
الثالث : ظاهر الآية الشريفة يدلّ على أنّه لا بد لكلّ نكاح من مهر ، وإن لم يكن ذكره لازما في متن العقد.
الرابع : يستفاد من قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) الردّ على العادات والتقاليد التي كانت سائدة في هذا النوع من أفراد المجتمع