ثم إنّ الآية المباركة : (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما) ، تدلّ على أنّ لإرادة الخير والصلاح والإصلاح تأثيرا كبيرا في النظام الأحسن ، سواء أكانت الإرادة نوعيّة كإرادة السلطان بالنسبة إلى الرعيّة ، والعالم العامل بعلمه ، ولعلّ قولهم عليهمالسلام : «الناس على دين ملوكهم» ، وقولهم عليهمالسلام : «إذا فسد العالم فسد العالم» ، يشير إلى ذلك ، أو كانت الإرادات الشخصيّة بالنسبة إلى الأمور الجزئية.
ومن المعلوم أنّ الإرادة الكليّة الإلهيّة تجري على ذلك أيضا ، فإنّ الخير يعمّ الجميع ، ولا يمكن أن يتحقّق خير إلا بإرادة الخير ونيّته.
كما أنّ هذه الآية الشريفة تدلّ على أنّ حسن المراد وفضله يرجع إلى حسن الإرادة وفضلها ؛ للملازمة بينهما ، كالملازمة بين المقتضي (بالكسر) والمقتضى (بالفتح) ، وتدلّ على ذلك بعض النصوص المنقولة عن المعصومين عليهمالسلام ، ولا بد أن يكون كذلك ؛ لأنّ المقتضيات (بالفتح) تابع لخصوصيات المقتضي (بالكسر) ، والجميع تحت قهّاريته المطلقة بحسب التقدير والقضاء ، لا بد وأن ترجع إليه عزوجل ، قال تعالى : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) [سورة النساء ، الآية : ٧٨].
بحث فقهي
يستفاد من الآيات الشريفة المتقدّمة أحكام شرعيّة متعدّدة ، نذكر المهمّ منها في المقام.
منها : ذكر بعضهم أنّه يمكن أن يستفاد من قوله تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) ، أنّ لكلّ منهما نصيبا من الميراث على ما قسّمه الله تعالى ، وقد ذكرنا أنّ الآية الشريفة أعمّ من ذلك ، كما عرفت.
ومنها : أنّه يدلّ قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ) ، على أنّ لكلّ ميت وارثا معيّنا من الآباء والأقرباء ، يرثونه ممّا