الإنساني ، وهم العبيد والإماء الذين كانوا في أشدّ معاناة وأعظم محنة ، فاعتبر الإسلام أنّهم من أفراد المجتمع الإنساني ، فهم يحسّون ما تحسّونه ويعانون ما أنتم تعانون منه ، فإنّ بعضكم من بعض ، وإذا انضمّ إلى ذلك الإيمان كان الارتباط أوثق والوشيجة بين الأفراد أمتن ، فإنّ في المجتمع الإسلامي من الروابط بين الأفراد ما لم تكن في أي مجتمع آخر ، ولعلّ ما ورد عن علي عليهالسلام : «الناس صنفان ، إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق» ، مقتبس من مثل هذه الآية الشريفة ، كما تدلّ هذه الآية أيضا على أنّ الأحكام الإلهيّة لا يمكن أن تقبل التغيير تبعا للعادات والتقاليد الباطلة ، فإنّها أحكام واقعيّة تشتمل على مصالح. فلا يصحّ أن يعتبر نكاح الإماء عارا عند الحاجة إليه بعد الإيمان ، وأنّه أكبر رادع عن ارتكاب السوء والفحشاء نوعا.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ) ، على وجه الحكمة في التشريع في هذا الأمر التكويني ، فإنّ الله تعالى إنّما شرّع الأحكام المرتبطة بالنكاح مطلقا ، لأجل تهذيب هذا الأمر الفطريّ وتحديده ، بحيث يحتفظ فيه داعي العقل والفطرة ، فلا يسرح فيه كالبهائم ليس همّه إلا اتباع الشهوة وإرضاء داعي الفطرة ، فكان النكاح أمرا تربويّا في نظر الإسلام ، وليس مجرّد كونه أمرا تكوينيّا واتباعا للشهوة العارمة ، ولا بد في النكاح من ملاحظة كونه رادعا عن الفحشاء وصارفا عن السفاح ، فالنكاح الشرعي من أهمّ سبل ترويض النفس وتهذيبها ، والصبر عن الحرام.
أمّا التوالد والتناسل ، فهما أمران تكوينيّان يترتّبان على المقاربة وغشيان النساء ، ويصلحان بصلاح المنشأ والسبب ؛ ولذا اهتمّ الإسلام في تحديد العلاقة الزوجيّة بأن حدّد لها شروطا وآدابا ؛ لأنّها السبب في صلاح النسل وفساده ، فما ذكره جمع من أنّ الحكمة في نظر الإسلام إنّما هو تكوين الاسرة والنسل ، فهو خلاف ظاهر الآيات الشريفة ، مع أنّ ما ذكروه مترتّب على نوع تلك العلاقة ، لا