قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) الجار متعلّق بفعل مقدّر ، و (إحسانا) نائب عنه في الدلالة على الأمر والتأكيد في الإغراء بالإحسان ، أي : أحسنوا إحسانا ، ويتعدّى الإحسان بالباء واللام وإلى ، يقال : أحسن إليه وأحسن به وله.
وقيل : إنّه إذا تعدّى بالباء تضمّن معنى العطف ، وقد تكرّر الأمر بالإحسان للوالدين في القرآن الكريم بهذه الجملة ، اهتماما بشأنهما وتعظيما لهما ، ولبيان عظيم حقّهما ، ولأنّهما أولى الناس بالإحسان.
وهذه الجملة تفيد دوام الإحسان وترك الإساءة ، وأنّ كلّ فعل يصدر من الإنسان بالنسبة إلى والديه ، لا بد أن يكون فعلا حسنا.
ولم يبيّن عزوجل وجه الإحسان وكيفيته ، إيكالا لوضوحه ، ولمعلوميّته لكلّ أحد ولاختلافه باختلاف الأعصار والأمصار وأحوال الناس وطبقاتهم.
قوله تعالى : (وَبِذِي الْقُرْبى).
أي : صاحب القرابة ، وهو يشمل كلّ رحم من الولد والأخ والعمّ والخال وغيرهم وأولادهم ، وإنّما أعاد الباء هنا للتوصية والاعتناء بشأنهم. وذكرهم بعد الإحسان بالوالدين ؛ لأنّ الاسرة تتكوّن منهم ، فإذا صلحت عقيدة الرجل وقام بحقوق الوالدين والأقارب ، صلح حاله وصلحت أسرته.
قوله تعالى : (وَالْيَتامى).
لأنّهم أكثر احتياجا إلى الرحمة والرأفة والإحسان بهم.
قوله تعالى : (وَالْمَساكِينِ).
وهم الفقراء الذين اشتدّ بهم الفقر والضعف ، بحيث يرثى لحالهم. وإنّما خصّ عزوجل هؤلاء وسابقهم بالذكر ، لما في الإحسان بهم من الأهميّة ؛ ولأنّه يتحلّى فيه مكارم الأخلاق والرحمة ، وبالإحسان إلى هذين الصنفين يتحقّق التكافل الاجتماعي الذي أمر به الإسلام.