يوجب النفرة والنزاع ، وبالحفظ تكتمل أركان السّلام في البيت ، فتكون الاسرة الجامعة لهذه الصفات كاملة سعيدة.
التاسع : يبيّن قوله تعالى : (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ) ، صورتين من الصور التي تعترض على الاسرة حينما يختلّ فيها بعض مقومات سكنها وهدوئها ، فقد ذكر عزوجل صورة نشوز المرأة وصورة الشقاق بينها وبين الرجل ، وسيذكر سبحانه وتعالى صورة نشوز الرجل في آخر هذه السورة أيضا ، وفي جميع هذه الصور لا تؤدّي الاسرة وظيفتها الحيويّة ، ولا تتّصف بالسكن والطمأنينة ، ولا يتهيأ لها الظروف الطبيعيّة لتربية النشء السليم ، ثم بيّن عزوجل أمورا لا بد من إجرائها لإصلاح الخلل الواقع فيهما ، كما عرفت في التفسير.
العاشر : يدلّ قوله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) على أنّ للرجال قيام الولاية على النساء ، وعلّل ذلك بأمرين :
أحدهما : أمر طبيعي موهوب من الله تعالى ، وهو ما ذكرناه في خلقة الرجال ، مثل كمال العقل وحسن التدبير ، ومزيد القوة في الأعمال والطاعات ، بما يهيئهم للتصدّي بأمور خاصّة لا يمكن للنساء التصدّي لها ، كالنبوّة والإمامة والولاية ، وإقامة الشعائر ، والجهاد ونحو ذلك ، ويشير إلى هذه العلّة قوله تعالى : (بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ).
الثاني : كسبي ، وهو الإنفاق على النساء ، وقد أشار إليه بقوله تعالى : (وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) كما عرفت في التفسير.
وإنّما أتى بضمير الجمع في الآية المباركة للدلالة على أنّ مجموع الرجال من حيث المجموع لهم التفضيل على مجموع النساء كذلك ، لا أنّ كلّ واحد من الرجال له التفضيل على كلّ واحدة من النساء ، فإنّه ربّ امرأة أفضل وأفقه من رجل ، بل من كثير من الرجال.