النساء ، الآية : ٦٤] ، ويكون إطاعته إطاعة لله تعالى ، قال سبحانه : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ) [سورة النساء ، الآية : ٨٠] ، فتختلف الطاعتان من هذه الجهة ، ولعله لذلك كرّر سبحانه وتعالى الفعل في الآية الشريفة لبيان الاختلاف بينهما من هذه الجهة ، لا لما ذكره بعض المفسّرين من أنّ التكرار إنّما هو للتأكيد ، فإنّ ذلك خلاف الظاهر ؛ ولأنّ التأكيد قد يتأتّى من دون تكرار وبحذف الفعل ، فيقال (وَأَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) ، فيفهم منه أنّ طاعة الرسول من طاعة الله تعالى وأنّهما واحدة ولهما الطاعة المطلقة غير المشروطة بشيء.
ومن ذلك يستفاد عصمة الرسول صلىاللهعليهوآله ، لأنّ الأمر بطاعته المطلقة يقتضي أن لا يكون حكمه مخالفا لما أراده الله تعالى ، وإلا كان فرض طاعته تناقضا واضحا ، وهذا لا يتمّ إلا بعصمتهم.
قوله تعالى : (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)
عطف على ما قبلها ، والظاهر من سياق الآية المباركة ـ حيث قرن طاعتهم بطاعة الله وطاعة الرسول ـ أنّ طاعتهم ملحقة بطاعتهما ، فلا بد أن تكون طاعتهم في حدود ما أمر الله تعالى ورسوله ، فليس لهم نصيب من الوحي والتشريع ، وإنّما شأنهم تفسير ما أنزله الله تعالى ، ويدلّ على ما ذكرناه أنّه لا بد من الردّ على الله والرسول عند التنازع والمشاجرة ، فهما وحدهما المرجع الذي يرجع إليه في كلّ الأمور ، والخطاب للمؤمنين الذين يقع بينهم التنازع ، فيجب عليهم الردّ لا التنازع بين اولي الأمر والمؤمنين ، كما ذكره بعض المفسّرين ، فإنّه لا معنى له مع افتراض طاعة ولي الأمر.
وكيف كان ، فليس لأولي الأمر من التشريع ، ولا وضع حكم جديد ، ولا نسخ حكم ثابت في الكتاب والسنّة ، فإنّ الله تعالى نفى عنهم هذا التصرّف بالرجوع الى الله والرسول عند التنازع ، فيكون أولو الأمر شرّاحا للكتاب والسنّة ومبيّنين لما ورد فيهما ، بمقتضى ثبوت الولاية لهم وما ألهمهم الله تعالى من