(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (٦٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (٦١) فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (٦٢) أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣))
الآيات الشريفة تكملة للحديث عن ما نزل في شأن اليهود والمنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام ، فإنّه تعالى بعد ما ذكر في الآيات السابقة أنّ اليهود يؤمنون بالجبت والطاغوت ويحكمون للمشركين بأنّهم أهدى من الذين آمنوا سبيلا ، ذكر عزوجل سوء أحوالهم في الحال والعقبى ، وبعد ذلك بيّن تعالى الطريق المستقيم والمنهج ، ووضع القاعدة الاولى النظام الحكم ورقي المجتمع ودفع المشاكل التي تصيبه ، فأمر المؤمنين بأداء الأمانات إلى أهلها ـ وهي أمانة الإيمان ، ليشمل أساس الاعتقاد واصول العبادة وقواعد التعامل وسبل العلاقات كلّها بين الناس والأفراد ـ والحكم بالعدل ليطهّر المجتمع من العقاب ، فالعدل إحدى الأمانات الكبرى التي يجب أن ينشر بين الناس جميعا بلا استثناء ؛ ليعرفوا لذّة الحياة التي أنعم الله تعالى بها عليهم ، وهو أساس الحكم في الإسلام ، وأنّ الأمانة المطلقة والعدل المطلق هما أساس الحكم وأساس الحياة ، وطاعة الرسول واولي الأمر هي الدستور الأساسي لبناء المجتمع الذي فشا فيهم العدل ، وذلك هو الخير والتفسير الأحسن لتحقيق نظام أفضل ، وبعد الانتهاء عن بيان هذه القواعد والنظم التي تعطي الحياة للفطرة البشرية الخامدة وتعرّفها ، تلتفت الآيات المباركة