السابع : يستفاد من قوله تعالى : (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) أنّ اولي الأمر أفراد من هذه الامة لهم فرض الطاعة نظير ما للرسول ، ولا بد أن يكونوا معصومين ، وإلا كان فرض طاعتهم تناقضا ، ولكن لما لم تكن عصمتهم معلومة لكلّ أحد ؛ ولذا توهموا عدمها فيهم ، إلا أن الإطلاق استلزم كون المتعيّن أنّ عصمتهم إنّما يعرف من الله تعالى أو بتعليم من الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله ، ويختلف طاعتهم عن الرسول بعد كون طاعتهم طاعة الله تعالى. وإنّ اولي الأمر ليس لهم نصيب من الوحي ، وإنّما شأنهم هو بيان الكتاب والسنّة وشرحهما وتطبيق الأحكام وكشفها ، لمكان صواب رأيهم في ذلك ، فلهم افتراض الطاعة ، والجميع راجع إلى الكتاب والسنّة.
الثامن : يدلّ قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) على أنّ لكلّ واقعة حكما محفوظا عند الله تعالى وعند الرسول ، باعتبار أنّ لهما وحدهما حقّ التشريع وسلطة جعل الحكم فقط ، وهذا هو رأي الإماميّة ، فإذا كان الرسول صلىاللهعليهوآله موجودا فهو المرجع في ردّ المتنازع فيه إليه وأخذ الحكم منه ، وبعد ارتحاله صلىاللهعليهوآله لا بد أن يكون بيان الأحكام ممّن له أهليّة أداء الأمانة إليه ممّن اتصف بالعلم والحكمة ، ومن يكون حجّة في رأيه ولهم الذوق الثاقب في استنباط الحكم من الكتاب الكريم والسنّة الشريفة ، حتّى يكون شاغلا للفراغ الذي حصل من فقد الرسول صلىاللهعليهوآله ، وهؤلاء ينحصرون في الأئمة الهداة عليهمالسلام الذين هم عدل القرآن وأحد الثقلين ، فلا محالة تكون السنّة الشريفة تشمل أقوالهم التي لا مدرك لها إلا الكتاب والسنّة المحفوظة عندهم بوجوه متعدّدة ، وحينئذ فإن أمكن الرجوع إليهم فهو المتعين ، وإلا فالطريق منحصر بالاجتهاد في الأدلّة الواصلة إلينا منهم ، واستنباط الأحكام منها بالطرق المعتبرة ، ولا تدلّ الآية المباركة بشيء من الدلالات على اعتبار القياس والاجتماع والعقل ، كما يدّعيه جمع من المفسّرين.