فيكون الموضوع متعددا فلا وجه لاستصحاب التخيير ليكون حاكما على استصحاب الرّأي الأول.
وقد ظهر الجواب عنه مما سبق آنفا من جهة ان الأخذ لا يوجب توليد مصلحة في الواقع ليستصحب بعد الشك ما أخذ به ابتداء فتحصل ان استصحاب الحكم الأول إذا لم يكن جاريا يكون استصحاب الموضوع وهو التخيير جاريا ولا منع منه ولكن الّذي يوجب الإشكال فيه هو ان المراد باستصحابه هو جواز تقليد الثاني وهو ليس من الآثار الشرعية بل من الآثار العقلية لبقاء التخيير فالأصل مثبت وعدم كونه من الآثار الشرعية واضح من جهة عدم الترتب في لسان الشرع بينهما.
الوجه الثاني لعدم جواز العدول هو ان لازمه المخالفة القطعية مع الواقع فانه إذا فرض تقليد مجتهد يقول بالقصر إذا كان المسير أربعة فراسخ ذاهبا وجائيا فقصر صلاة الظهر مثلا ثم عدل عنه إلى من يقول بالتمام فيما دون ثمانية فراسخ فصلى العصر تماما فانه يحصل له العلم الإجمالي ببطلان إحدى الصلاتين.
فلذا على فرض صحة الاستدلال يقول العلامة الأنصاري قده بان الاحتياط التام لازم ومعناه ان يأتي بالظهر تماما وبالعصر قصرا في الفرض في المقام ولكنه قده يقول يلزم عليه إتيان صلاة واحدة وهو قده يعلم انه ليس باحتياط تام ولكن يكون مراده الخروج عن المخالفة القطعية للعلم الإجمالي فانه يحصل بواسطة إتيانها وحدها.
وقد أجاب قده عن الاستدلال بان الثابت من التكليف هو الواقع المنجز لا الواقع الواقعي وعليه فإذا عمل المكلف على طبق فتوى الأول فقد أتى بما نجّز عليه وإذا عمل بفتوى الثاني فقد أتى بما نجّز عليه أيضا فالعمل على طبق الرأيين مجز ولا عقاب على المكلف فانه ان ترك العمل رأسا يكون معاقبا واما مع إتيانه بهما فقد أدى وظيفته على ما هو عليه من التكليف والعلم الإجمالي يكون بالنسبة إلى الواقع الّذي لم يكن منجزا عليه ولا تكليف له بالنسبة إليه بعد حجية رأي المجتهد فيما أفتى به.