ثم قد يستدل لجواز الرجوع إلى غير الأعلم بالسيرة من المتشرعين وعدم توقفهم في سؤال مسائلهم عن غيره وفيه ان الفطرة بعد ما تقضى من العامي بالرجوع إلى الأعلم يتفحص عنه ولا نجد سيرته على خلاف ذلك والمجتهد لا يكون مقلدا ليلاحظ السيرة بالنسبة إليه فهذا الدليل سخيف جدا في صورة العلم بالمخالفة بين الرأيين واما عدم الفحص في بعض الموارد فيكون من باب عدم العلم بالمخالفة بين الفتويين هذا كله في صورة العلم بالاختلاف مع العلم التفصيلي بالأعلم
وينبغي التنبيه على أمور
الأمر الأول في حكم صورة عدم العلم بالاختلاف تفصيلا ولها صور الصورة الأولى ان يكون مورد العلم الإجمالي بالاختلاف مع العلم الإجمالي بوجود الأعلم في ما بين العشرة من المجتهدين أو يكون الاختلاف فقط مورد العلم الإجمالي مع العلم بشخص الأعلم ففي هذه الصورة لا بد من القول بالتعيين أيضا بمقتضى الفطرة لأنه يدور الأمر بين الحجة واللاحجة فلا بد من الأخذ بفتوى الأعلم لأن فتوى غيره مشكوك الحجية والاشتغال اليقينيّ بالتكليف لا بد له من البراءة اليقينية وهكذا يكون مقتضى الدليل الاجتهادي من دوران الأمر بين التعيين والتخيير ولزوم الأخذ بالمعين وعليه فيجب الفحص عن الأعلم وعن فتواه ليظهر الحال من باب المقدمة العلمية وبعد اليأس عن وجدانه فلا بد من الأخذ بأحوط القولين.
ولا يقال انه من الممكن هنا التخيير بين الأخذ بأحوط القولين أو الفحص لوجدان الأعلم وفتواه لأنا نقول الأخذ بالأحوط يكون في صورة عدم إمكان وجدان ما هو التكليف في الواقع واما مع إمكانه فلا بد منه لأن الحجة هي رأي الأعلم والظن الخاصّ الّذي يحصل بالواقع من جهة رأيه هو الملاك لا أصل الظن وان كان من باب أحوط القولين.
ثم إذا تفحص ولم يجد الأعلم فهل هو مخير في الأخذ بأيهما شاء أو يجب الأخذ بالأحوط فيه خلاف والحق هو الأخذ بالأحوط لأنه متيقن الحجية وغيره