أبي خديجة تكون في المقام وهي دالة على ان عرفان شيء من القضاء أو قضاياهم كاف في الرجوع إليه فلا نحتاج إلى صدق كون المجتهد عارفا بجملة معتدة بها من الأحكام فانه قال : قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام إياكم ان يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا (وفي طريق من قضائنا) فاجعلوه بينكم فانى قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه (١). ولا تعارض بين المقبولة والمشهورة ولا يحمل إحداهما على الأخرى لأنهما مثبتتين.
قلت الظاهر من قوله عليهالسلام يعلم شيئا من قضائنا أو قضايانا أيضا هو العلم بجملة معتدة بها من الأحكام ولا يكون صادقا في حق من فهم مسألة من المسائل عن دليلها فانه غير عالم بقضائهم أو قضاياهم من غير فرق بين كون لفظة من في قوله عليهالسلام من قضايانا بيانية أو تبعيضية فان البعض أيضا يكون المراد به البعض المعتد به.
فتحصل ان المتجزي لا يكون مرجعا في القضاء بين الناس.
فصل في مبادئ الاجتهاد
لا شبهة في ان الاستنباط للحكم الفقهي يحتاج إلى العلوم التي هي من مباديه وهي النحو والصرف والمعاني والبيان واللغة والتفسير وعلم أصول الفقه وهو العمدة والمنطق وعلم الرّجال ولا بد من الاجتهاد في جميع ما ذكر ولا يصدق العارف على المقلد للغير في تلك العلوم فصرف قول صرفي أو نحوي أو لغوي أو أصولي أو منطقي أو مفسر أو رجالي لا يكفى في إحراز ما نحن بصدده في كل باب من الأبواب ومن هنا يجيء في الذهن شيء وهو ان المجتهد في الفقه لا يكون مجتهدا في بعض ما ذكر من العلوم فكيف يفتى ولكن الّذي يوجب رفع الإشكال هو ان علم الأصول الّذي يكون دارجا بنحو أضبط من غيره في زماننا هذا يكون متكفلا للبحث عن جملة من العلوم وتنقيح الكبريات فيها كما ان بحث المشتق يكون
__________________
(١) في الوسائل ج ١٨ من باب ١ من أبواب صفات القاضي ح ٥.