الأمر الثالث
قد مر ان المجتهد إذا تبدل رأيه فلا بد من تطبيق العمل على رأيه الثاني ونقض الآثار التي ترتبت على الرّأي الأول إذا كان موضوعه باقيا كالعقد الّذي وقع بالفارسية ويكون المعقود عليه باقيا بعد الرّأي الثاني بوجوب كونه عربيا الا في موارد يكون الدليل الخاصّ على عدم وجوب إعادته فهل العدول عن مجتهد إلى آخر يكون له هذا الأثر أم لا؟
وبعبارة أخرى هل اللازم من النقض في صورة التبدل هو القول بالنقض في المقام أيضا أم لا فيه خلاف فربما يقال بالتلازم وعدم الفرق بين المقامين لأن الرّأي كلي يشمل بإطلاقه الوقائع السابقة فان أحد المجتهدين إذا أفتى بحرمة عصير العنبي ونجاسته بعد الغليان وقال الآخر بالحرمة فقط يكون إطلاق فتوى القائل بالنجاسة شاملا لمورد الأثر من فتوى الآخر القائل بالطهارة وبطلان العمل الّذي أتى به إذا كان شرطه الطهارة إلّا ان يدل دليل على عدم وجوب الإعادة كما في الصلاة.
واما وجه القول بعدم التلازم فيكون من باب ان لياقة المحل شرط في شمول إطلاق الرّأي لما وقع قبل ذلك وان كان كليا ومن المعلوم ان متعلق الرّأي قد مضى وقته فلا تأثير لفتوى هذا المجتهد فيه بل يكون أثر كلامه في حيطة نفوذ رأيه وهو يكون من حين الرجوع إليه ولا يشمل قبله كما عن بعض الأعيان ولكن الحق عدم الفرق بين المقامين وما ذكره هذا القائل غير تام لأن المراد بالتأثير هو التأثير بالنسبة إلى الإعادة والقضاء لا بالنسبة إلى أصل العمل وقد مضى فمحل التأثير يكون من هذا الوجه باقيا (١)
__________________
(١) أقول ان القائل بهذا القول ذكر في كلامه ما يمكن ان يكون فارقا بين المسألتين وهو ان المرجع الفعلي إذا كان مفضولا والسابق اعلم وأفضل وفرض عروض الجنون أو السهو عليه بحيث لا يجوز تقليده لا مجال لأن يقال رأى هذا يكون له ـ